عن ابن عباس، قال: بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي (عليه السلام) حين قعد عن بيعته و قال: ائتني به بأعنف العنف. فلما أتاه جرى بينهما كلام، فقال علي (عليه السلام): احلب حلبا لك شطره [1]، و اللّه ما حرصك على إمارته اليوم إلا ليؤمّرك غدا، و ما تنفّس على أبي بكر هذا الأمر، لكنا أنكرنا ترككم مشاورتنا، و قلنا إن لنا حقا لا تجهلونه.
و هذا الخبر يتضمّن ما جرت عليه الحال و ما يقوله الشيعة بعينه و قد أنطق اللّه به رواتهم، و قد روى البلاذري بالإسناد: إن أبا بكر أرسل إلى علي (عليه السلام) يريد بيعته، فلم يبايع.
فجاء عمر و معه فتيلة فتلقّته فاطمة (عليها السلام) على الباب، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا ابن الخطاب! أتراك محرقا عليّ بابي؟! قال: نعم، و ذلك أقوى مما جاء أبوك ....
و هذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة، و إنما الطريف أن يرويه شيوخ محدثي العامة، لكنهم كانوا يروون ما سمعوا بالسلامة، و ربما تنبهوا على ما في بعض ما يروونه عليهم، فكفّوا عنه، و أيّ اختيار لمن يحرق عليه بابه حتى يبايع!؟
و عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد (عليه السلام): و اللّه ما بايع علي (عليه السلام) حتى رأى الدخان قد دخل بيته.
فأما قول قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد: حديث الإحراق ما صحّ و لو صحّ لم يكن طعنا، لأن له أن يهدّد من امتنع من المبايعة إرادة للخلاف على المسلمين! قد رواه غير الشيعة ممن لا يتّهم على القوم، و إن دفع الروايات بغير حجة أكثر من نفس المذاهب المختلف فيها لا يجدي شيئا، و الذي اعتذر به من حديث الإحراق إذا صحّ طريف، أيّ عذر لمن أراد أن يحرق على أمير المؤمنين و فاطمة (عليهما السلام) منزلهما؟
و هل يكون في مثل ذلك علة تصنعي إليه أو تسمع؟ و إنما يكون مخالفا للمسلمين و خارقا لإجماعهم، إذا كان الإجماع قد تقرّر و ثبت، و إنما يصحّ لهم الإجماع، متى كان
[1]. يضرب في الحثّ على الطلب و المساواة في المطلوب، قاله في مجمع الأمثال: ج 1 ص 402.