قال سلمان: ثم أخذوني فوجئوا عنقي حتى تركوها كالسلعة، ثم أخذوا يدي و فتلوها، فبايعت مكرها.
ثم بايع أبو ذر و المقداد مكرهين، و ما بايع أحد من الأمة مكرها غير علي (عليه السلام) و أربعتنا؛ لم يكن منا أحد أشد قولا من الزبير، فإنه لما بايع قال: يا ابن صهاك، أما و اللّه لو لا هؤلاء الطغاة الذين أعانوك لما كنت تقدم علي و معي سيفي، لما أعرف من جبنك و لؤمك، لكن وجدت طغاة تقوّى بهم و تصول.
فغضب عمر و قال: أتذكر صهاك؟ فقال: و من صهاك و ما يمنعني من ذكرها و قد كانت صهاك زانية، أو تنكر ذلك؟! أو ليس كانت أمة حبشية لجدي عبد المطلب، فزنى بها جدك نفيل فولدت أباك الخطاب، فوهبها عبد المطلب لجدك- بعد ما زنى بها- فولدته، و إنه لعبد لجدي، ولد زنا. فأصلح بينهما أبو بكر و كفّ كل واحد منهما عن صاحبه.
قال سليم بن قيس: فقلت لسلمان: أ فبايعت أبا بكر- يا سلمان- و لم تقل شيئا؟ قال:
قلت- بعد ما بايعت-: تبّا لكم سائرا الدهر؛ أو تدرون ما صنعتم بأنفسكم؟ أصبتم و أخطأتم! أصبتم سنة من كان قبلكم من الفرقة و الاختلاف، و أخطأتم سنة نبيكم حتى أخرجتموها من معدنها و أهلها.
فقال عمر: يا سلمان، أما إذ بايع صاحبك و بايعت فقل ما شئت و افعل ما بدا لك، و ليقل صاحبك ما بدا له.
قال سلمان: فقلت: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يقول: إن عليك و على صاحبك الذي بايعته مثل ذنوب جميع أمته إلى يوم القيامة و مثل عذابهم جميعا. فقال: قل ما شئت، أ ليس بايعت و لم يقرّ اللّه عينيك بأن يليها صاحبك؟
فقلت: أشهد أني قد قرأت في بعض كتب اللّه المنزلة: إنك- باسمك و نسبك و صفتك، باب من أبواب جهنم. فقال لي: قل ما شئت، أ ليس قد أزالها اللّه عن أهل هذا البيت الذين اتخذتموهم أربابا من دون اللّه؟