فقلت له: أشهد أني سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يقول- و سألته عن هذه الآية-: «فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ»[1]، فأخبرني بأنك أنت هو. فقال عمر: اسكت، أسكت اللّه نامتك أيها العبد، يا ابن اللخناء. فقال علي (عليه السلام): أقسمت عليك يا سلمان لما سكت.
فقال سلمان: و اللّه، لو لم يأمرني علي (عليه السلام) بالسكوت لخبّرته بكل شيء نزل فيه، و كل شيء سمعته من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فيه و في صاحبه. فلما رآني عمر قد سكت قال لي: إنك له لمطيع مسلّم.
فلما أن بايع أبو ذر و المقداد و لم يقولا شيئا قال عمر: يا سلمان، أ لا تكفّ كما كفّ صاحباك؟ و اللّه ما أنت بأشد حبا لأهل هذا البيت منهما و لا أشد تعظيما لحقهم منهما، قد كفّا كما ترى و بايعا.
فقال أبو ذر: يا عمر، أ فتعيّرنا بحب آل محمد (عليهم السلام) و تعظيمهم؟ لعن اللّه- و قد فعل- من أبغضهم و افترى عليهم و ظلمهم حقهم و حمل الناس على رقابهم و ردّ هذه الأمة القهقرى على أدبارها.
فقال عمر: آمين! لعن اللّه من ظلمهم حقهم. لا و اللّه ما لهم فيها من حق و ما هم فيها عرض الناس إلا سواء. قال أبو ذر: فلم خاصمتم الأنصار بحقهم و حجتهم؟ فقال علي (عليه السلام) لعمر: يا ابن صهاك! فليس لنا فيها حق و هي لك و لابن آكلة الذبان؟!
فقال عمر: كفّ الآن يا أبا الحسن إذ بايعت، فإن العامة رضوا بصاحبي و لم يرضوا بك، فما ذنبي؟
فقال علي (عليه السلام): و لكن اللّه عز و جل و رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) لم يرضيا إلا بي، فأبشر أنت و صاحبك و من اتبعكما و وازركما بسخط من اللّه و عذابه و خزيه. ويلك يا ابن الخطاب! لو ترى ما ذا جنيت على نفسك، لو تدري ما منه خرجت و فيما دخلت و ما ذا جنيت على نفسك و على صاحبك.