عنهم، يحبّوك و يطيعوك؛ فما آمن علينا و عليك ثورة علي و شبليه الحسن و الحسين.
فإن أمكنك في عدة من الأمة فبادر، و لا تقنع بصغار الأمور و اقصد بعظيمها.
و احفظ وصيتي إليك و عهدي و اخفه و لا تبده، و امتثل أمري و نهيي و انهض بطاعتي، و إياك و الخلاف عليّ، و اسلك طريق أسلافك، و اطلب بثارك، و اقتصّ آثارهم، فقد أخرجت إليك بسرّي و جهري، و شفّعت هذا بقولي:
معاوي إن القوم جلت أمورهم * * * بدعوة من عمّ البرية بالوتري
صبوت إلى دين لهم فأرابني * * * فأبعد بدينقد قصمت به ظهري
و إن أنس لا أنس الوليد و شيبة * * * و عتبة و العاص السريع لدى بدر
و تحت شغاف القلب لدغ لفقدهم * * * أبو حكم أعني الضئيل من الفقري
أولئك فاطلب- يا معاوي- ثارهم * * * بنصل سيوف الهند و الأسل السمري
و صلّ برجال الشام في معشرهم * * * هم الأسد و الباقون في أكم الوعري
توسّل إلى التخليط في الملة التي * * * أتانا به الماضي المسموه بالسحري
و طالب بأحقاد مضت لك مظهرا * * * لعله دين عمّ كل بني النضر
فلست تنال الثار إلا بدينهم * * * فتقتل بسيف القوم جيد بني عمري
لهذا لقد ولّيتك الشام راجيا * * * و أنت جدير أن تؤول إلى صخري
قال: فلما قرأ عبد اللّه بن عمر هذا العهد، قام إلى يزيد فقبّل رأسه و قال:
الحمد للّه- يا أمير المؤمنين- على قتلك الشاري ابن الشاري؛ و اللّه ما أخرج أبي إلىّ بما أخرج إلى أبيك؛ و اللّه لا رآني أحد من رهط محمد بحيث يحبّ و يرضى.
فأحسن جائزته و برّه و ردّه مكرما. فخرج عبد اللّه بن عمر من عنده ضاحكا. فقال له الناس: ما قال لك؟ قال: قولا صادقا لوددت أني كنت مشاركة فيه. و سار راجعا إلى المدينة، و كان جوابه لمن يلقاه هذا الجواب.
و يروى أنه أخرج يزيد- لعنه اللّه- إلى عبد اللّه بن عمر كتابا فيه عهد عثمان بن عفان فيه أغلظ من هذا و أدهى و أعظم من العهد الذي كتبه عمر لمعاوية. فلما قرأ عبد اللّه العهد