نفي وجوب شراء اللحم إنما نشأ من عدم ذكره لا من عدم تقييد ذكر الخبز و الماء و الأرز باللحم لوضوح ان اللحم ليس من قيود الماء أو غيره من المعاني.
و هكذا لو قلت للمولى مرني بكل ما تريده اليوم حتى أفعله و أذهب.
فلم يأمرك بشيء فتتمسك بالإطلاق المقامي لإثبات انه لا يريد شيئا و انه لم يوجب عليك شراء اللحم.
و من الواضح ان هذا ليس تمسكا بإطلاق لفظ ضرورة ان المولى لم ينطق بشيء.
و الحاصل ان الإطلاق اللفظي هو التمسك بسعة مفهوم اللفظ لنفي جميع القيود. بينما الإطلاق المقامي هو التمسك بعدم ذكر الشيء في مقام ذكره لنفي الحكم الذي لم يذكره المولى.
ثم إن المشكوك وجوبه تارة يكون حكما مستقلا مثل شراء اللحم في المثال و مثل وجوب اعادة الصلاة لمن صلى تيمما في قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا*) حيث كان في مقام ذكر وظيفة المضطر الذي لم يجد ماء فنتمسك بالإطلاق المقامي لنفي وجوب الإعادة الذي هو واجب مستقل.
و كلما كان الواجب مستقلا فلا يمكن نفيه إلا بالإطلاق المقامي و يستحيل نفيه بالإطلاق اللفظي لأن الواجب المستقل ليس قيدا حتى ينفي تقييد المفهوم به.
و تارة يكون المشكوك حكما مرتبطا بغيره كالشك في كون القنوت جزءا و الشك في كون العلم بالطهارة شرطا.
ففي هذه الحالة يمكن التمسك بالإطلاق اللفظي لمفهوم (صلاة).
في قوله (يجب الصلاة) فنتمسك بسعة مفهوم فنقول الصلاة مطلقا (أي سواء كانت مع قنوت أم لا و سواء كانت مع علم بالطهارة أم لا) واجبة.