2- بعد الاعتراف بثبوت إدراك العقل إنكار الملازمة بينه و بين حكم الشرع. هذه هي المسألة الآتية في (المبحث الثّالث).
3- بعد الاعتراف بثبوت إدراك العقل و ثبوت الملازمة إنكار وجوب إطاعة الحكم الشرعي الثّابت من طريق العقل، و مرجع ذلك إلى إنكار حجية العقل. و سيأتي البحث عن ذلك في الجزء الثّالث من هذا الكتاب (مباحث الحجة).
و عليه، فإن أرادوا التفسير الأوّل بعد الاعتراف بثبوت الحسن و القبح العقليين فهو كلام لا معنى له، لأنه قد تقدم إنه لا واقعية للحسن و القبح بالمعنى المتنازع فيه مع الأشاعرة- و هو المعنى الثّالث- إلا إدراك العقلاء لذلك و تطابق آرائهم على مدح فاعل الحسن و ذم فاعل القبيح على ما أوضحناه فيما سبق.
و إذا اعترفوا بثبوت الحسن و القبح بهذا المعنى فهو اعتراف بإدراك العقل. و لا معنى للتفكيك بين ثبوت الحسن و القبح و بين إدراك العقل لهما إلا إذا جاز تفكيك الشيء عن نفسه (1). نعم إذا فسروا الحسن و القبح بالمعنيين الأولين جاز هذا التفكيك و لكنهما ليسا موضع النزاع عندهم.
و هذا الأمر واضح لا يحتاج إلى أكثر من هذا البيان بعد ما قدمناه في المبحث الأوّل.
المبحث الثّالث ثبوت الملازمة العقلية بين حكم العقل و حكم الشرع (2)
و معنى الملازمة العقلية هنا- على ما تقدم- أنه إذا حكم العقل بحسن شيء أو قبحه هل يلزم عقلا أن يحكم الشرع على طبقه؟
(1) و ذلك لأنّ واقعية الحسن و القبح بالمعنى الأوّل (الكمال و النقص)، و المعنى الثّاني (الملاءمة و المنافرة) ليست هي بمعنى تطابق آراء العقلاء كما هو بالمعنى الثّالث (المدح و الذم)، و إنّما واقعيتها ثابتة مع غض النظر عن تطابق آراء العقلاء، فمن الممكن أن لا يدركها العقلاء بخلاف الحسن و القبح بالمعنى الثّالث، فإن واقعيتهما ليس شيئا زائدا عن تطابق آراء العقلاء، فمتى ما اعترف بذلك فلا معنى لإنكار إدراك العقل.
المبحث الثالث: ثبوت الملازمة العقلية بين حكم العقل و حكم الشرع:
(2) في هذا البحث يتم تنقيح صغرى لكبرى حجّية العقل. و هذه المسألة التي نبحثها في هذا البحث