و لكن نحن قلنا: إن هذا الإيراد إنما يتوجه إذا جعل الاعتبار قيدا في الموضوع له.
أما لو جعل الاعتبار مصححا للوضع فلا يلزم هذا الإيراد كما سبق.
هذا قول القدماء، و أما المتأخرون ابتداء من سلطان العلماء (رحمه الله) فإنهم جميعا اتفقوا على أن الموضوع له ذات المعنى لا المعنى المطلق حتى لا يكون استعمال اللفظ في المقيد مجازا. و هذا القول بهذا المقدار من البيان واضح. و لكن العلماء من أساتذتنا اختلفوا في تأدية هذا المعنى بالعبارات الفنية؛ مما أوجب الارتباك على الباحث و إغلاق طريق البحث في المسألة.
لذلك التجأنا إلى تقديم المقدمتين السابقتين لتوضيح هذه الاصطلاحات، و التعبيرات الفنية التي وقعت في عباراتهم. و اختلفوا فيها على أقوال.
1- منهم من قال: إن الموضوع له الماهية المعتبرة باللابشرط المقسمي.
2- و منهم من جعل التعبير الأوّل نفس التعبير الثّاني.
3- و منهم من قال: إن الموضوع له ذات المعنى لا الماهية المهملة و لا الماهية المعتبرة باللابشرط المقسمي، و لكنه ملاحظ حين الوضع باعتبار (اللابشرط القسمي) على أن يكون هذا الاعتبار مصححا للموضوع لا قيدا للموضوع له (1). و عليه: يكون هذا القول نفس قول القدماء على التصوير الثّاني؛ إلا إنه لا يلزم منه أن يكون استعمال اللفظ في المقيد مجازا. و لكن المنسوب إلى القدماء أنهم يقولون: بأنه مجاز في المقيد، فينحصر قولهم في التصوير الأوّل (2) على تقدير صحة النسبة (3) إليهم (4).
و يتضح حال هذه التعبيرات أو الأقوال من المقدمتين السابقتين فإنه يعرف منهما:
(1) أي: أن بعضهم قال: إن الماهية الملحوظة الموضوع لها اسم الجنس ملحوظة بنحو الماهية اللابشرط القسمي، و لكن لحاظ الماهية بنحو اللابشرط القسمي ليس دخيلا في المعنى الموضوع له اللفظ، و لا في المعنى المستعمل فيه اللفظ، و إنّما هو مصحح للوضع و الاستعمال كما تقدم سابقا. و هذا معناه:
أن اللفظ موضوع لذات المعنى و الاعتبار خارج عن الموضوع له و عن المستعمل فيه، و إن كان حين الاستعمال لا بدّ أن يلحظ هذا الاعتبار، أي: اعتبار الماهية بنحو اللابشرط القسمي.