2- أن تعتبر مشروطة بعدمه، و تسمى: «الماهية بشرط لا» (1)، كما إذا كان القصر واجبا في الصلاة على المسافر غير العاصي في سفر، أي: بشرط عدم كونه عاصيا لله في سفره. فأخذ عدم العصيان قيدا في موضوع الحكم.
3- إلا تعتبر مشروطة بوجوده و لا بعدمه، و تسمى: (الماهية لا بشرط)، كوجوب الصلاة على الإنسان باعتبار كونه حرا مثلا، فإن الحرية غير معتبرة لا بوجودها و لا بعدمها في وجوب الصلاة، لأن الإنسان بالنظر إلى الحرية في وجوب الصلاة عليه غير مشروط بالحرية و لا بعدمها، فهو لا بشرط القياس إليها.
و يسمى هذا الاعتبار الثّالث (اللابشرط القسمي) في قبال (اللابشرط المقسمي) الآتي ذكره. و إنما سمى قسميا لأنه قسم في مقابل القسمين الأوليين أي: البشرط و البشرطلا. و هذا ظاهر لا بحث فيه.
ثم إن لهم اصطلاحين آخرين معروفين:
1- قولهم: «الماهية المهملة».
2- قولهم: «الماهية لا بشرط مقسمي».
أ فهذان اصطلاحات و تعبيران لمدلول واحد، أو هما اصطلاحان مختلفان في المعنى؟
و الذي يلجئنا إلى هذا الاستفسار: ما وقع من الارتباك في التعبير عند كثير من مشايخنا الأعلام، فقد يظهر من بعضهم إنهما اصطلاحان لمعنى واحد، كما هو ظاهر (كفاية الأصول) تبعا لبعض الفلاسفة الأجلاء. و لكن التحقيق لا يساعد على ذلك، بل هما اصطلاحان مختلفان. و هذا جوابنا على الاستفسار.
و توضيح ذلك: أنه من المتسالم عليه الذي لا اختلاف فيه و لا اشتباه أمران:
(الأوّل): أن المقصود من (الماهية المهملة): الماهية من حيث هي، أي: نفس الماهية بما هي، مع قطع النظر عن جميع ما عداها (2)، فيقتصر النظر إلى ذاتها
(1) و قد تقال: (الماهية بشرط لا شيء) و يقصدون بذلك: الماهية المجردة على وجه يكون كل ما يقارنها يعتبر زائدا عليها. (المصنّف).
(2) أي: مع قطع النظر عن جميع ما لا يكون دخيلا في قوامها و وجودها، فلا ينظر إلى الإنسان مثلا بشرط العلم، و لا بشرط الجهل.