(الثّاني): أن المقصود من الماهية (لا بشرط مقسمي): الماهية المأخوذة لا بشرط التي تكون مقسما للاعتبارات الثّلاثة المتقدمة، و هي- أي: الاعتبارات الثّلاثة- الماهية بشرط شيء، و بشرط لا، و لا بشرط قسمي. و من هنا سمي (مقسما).
و إذا ظهر ذلك: فلا يصح أن يدّعى أن الماهية بما هي تكون بنفسها مقسما للاعتبارات الثّلاثة. و ذلك: لأن الماهية لا تخلو من حالتين. و هذا إن ينظر إليها بما هي هي غير مقيسة إلى ما هو خارج عن ذاتها، و أن ينظر إليها مقيسة إلى ما هو خارج عن ذاتها. و لا ثالث لهما.
و في الحالة الأولى: (الماهية المهملة) كما هو مسلم. و في الثّانية: لا يخلو حالها من أحد الاعتبارات الثّلاثة. و على هذا: فالملاحظة الأولى مباينة لجميع الاعتبارات الثّلاثة و تكون (2) قسيمة لها (3)، فكيف يصح أن تكون مقسما لها (4) و لا يصح أن يكون الشيء مقسما لاعتبارات نقيضه (5)؟ لأن الماهية من حيث هي- كما اتضح معناها- ملاحظتها غير مقيسة إلى الغير، و الاعتبارات الثّلاثة ملاحظتها مقيسة إلى الغير.
على أن اعتبار الماهية غير مقيسة اعتبار ذهني له وجود مستقل في الذهن، فكيف يكون مقسما لوجودات ذهنية أخرى مستقلة، و المقسم يجب أن يكون موجودا
(1) أي: فليقتصر في النظر إلى ذاتيات الإنسان كالحيوانية و الناطقية، فهما ليسا شيئا خارجا عن ذات الإنسان، و ذاتياتها.
(2) اسم تكون هو الملاحظة و هي الماهية المهملة.
(3) أي: قسيمة للاعتبارات الثّلاثة.
(4) كما ادعاه صاحب الكفاية تبعا لبعض الفلاسفة، فإن الماهية تنقسم إلى قسمين:
1- ماهية مهملة.
2- ماهية مقيسة إلى الغير.
فالماهية المهملة قسم في مقابل الماهية المقيسة إلى الغير، و لا يصح أن تكون مقسما لها.
(5) لأنّ الماهية لا بشرط المقسمي مقيسة بالاعتبارات الثّلاثة، و الماهية المهملة ليست مقيسة بالاعتبارات الثّلاثة، فلا يمكن أن تكون الماهية المقيسة بالنسبة إلى الاعتبارات الثّلاثة هي نفس الماهية غير المقيسة إليها، و إلا كانت الماهية المهملة مقسما لاعتبارات الماهية اللابشرط المقسمي، التي هي نقيضها.