و على القول الأوّل: يكون استعمال اللفظ في المقيد مجازا (1)، و على القول الثّاني: يكون حقيقة (2).
و الحق: ما ذهب إليه سلطان العلماء، بل قيل: أن نسبة القول الأوّل إلى المشهور مشكوك فيها. و لتوضيح هذا القول و تحقيقه ينبغي بيان أمور ثلاثة تنفع في هذا الباب و في غير هذا الباب (3). و بها تكشف للطالب ما وقع للعلماء الأعلام من اختلاف في التعبير بل في الرأي و النظر. و هذه الأمور التي ينبغي بيانها هي كما يلي:
1- اعتبار الماهية:
المشهور: أن للماهية ثلاثة اعتبارات، إذا قيست إلى ما هو خارج عن ذاتها (4)، كما إذا قيست الرقبة إلى الإيمان عند الحكم عليها بحكم ما كوجوب العتق. و هي:
1- أن تعتبر الماهية مشروطة بذلك الأمر الخارج. و تسمى حينئذ: (الماهية بشرط شيء)، كما إذا كان يجب عتق الرقبة المؤمنة، أي: بشرط كونها مؤمنة.
الخارجي لا الوجود الذهني، فيلزم من الكلام المذكور أن لا يصدق «ذهب رجل» على الرجل الخارجي لأن ما في الذهن لا يصدق على الخارج. و للخروج من هذا المحذور يجرد من قيد اللحاظ و بذلك يلزم المجازية و نحن لا نشعر بالمجازية. فهذا الرأي أيضا باطل.
- ثم عقب صاحب الكفاية قائلا: و الصحيح أن نقول: إن أسماء الأجناس موضوعة لذات الطبيعة المهملة أي: لطبيعة الرجل المهملة من كل قيد حتى من قيد اللحاظ المهملة (أي: اللحاظ بلا شرط) منه. و إلا للزم المحذور الذي ذكرناه [1].
(1) لأنّه على القول الأوّل: يكون اسم الجنس موضوعا للماهية بشرط الإطلاق، فإذا استعمل في المقيد يكون مجازا.
(2) أي: و أما على القول الثّاني: فإن أسماء الأجناس موضوعة لذات الطبيعة، و ذات الطبيعة موجودة في ضمن المقيد و المطلق، غاية ما في الأمر: أن التقييد مستفاد من دال آخر، و الإطلاق مستفاد من مقدمات الحكمة، فيكون حقيقة في المطلق و المقيد.
(3) و قد اضطررنا إلى الخروج عن الطريقة التي رسمناها لأنفسنا في هذا الكتاب في الاختصار.
و نعتقد أن الطالب المبتدئ الذي ينتهي إلى هنا يكون على استعداد كاف لفهم هذه الأبحاث.
و اضطررنا لهذا البحث باعتبار ما له من حاجة ماسة في فهم الطالب لكثير من الأبحاث التي قد ترد عليه فيما يأتي. (المصنّف).
(4) أي: خارج عن ذات الماهية أي: غير مقوم لها، كما إذا قيست ماهية الإنسان إلى العلم.
[1] تقريراتي لفضيلة الأستاذ الشّيخ باقر الإيرواني (بتصرف).