و الغرض من الحجة أن تقوم مقام العلم، و أما فيما المطلوب فيه الظن فلا معنى لحجية الظن فيه، بل هو بنفسه المقصود.
و اعلم أن الجاهل باللغة و بكل علم لا يعرف الضروريات و المتواترات منها أصلا، فلا بد له من المراجعة إلى أهله حتى يعرف معنى الكلمة المتواترة و يحصل له العلم بالمتواتر، و لو لم تكن كتب اللغة و الأدب لاضمحل الآداب و بطل اللسان و انسدّ باب العلم بالكتاب و السنة و لم يبق متواتر، فحفظ اللغة و كتبها، و الإجماع على المراجعة إليها لا تدل على حجية قول اللغوى، إذا نقل بطريق الآحاد فى مسألة يطلب فيها العلم.
و أيضا المتواتر صفة للخبر، و الخبر لا يمكن بدون السماع من مخبر، و ليس الاعتماد على الخبر دليلا على الآحاد منها، و إنا نرى كثيرا من المتواترات عند أهلها يخفى على غيرهم لعدم مراجعتهم، و رأيت من الفقهاء من لم يسمع لفظ العينة [2] فى بيع السلف، مع أن اللفظ و المعنى فيها متواتر و أيضا الكرة غير الدائرة عند أهل الهندسة، و هذا معلوم منقول عنهم بالتواتر، و مع ذلك اشتبه على بعض أعاظم العلماء و لم يعرف الفرق بينهما لعدم رجوعه إلى أهلها.
[1]- نهاية الاصول، ص 35، فى البحث الخامس من الفصل الاول من المقصد الثانى.
[2]- قال فى السرائر: العينة معناها فى الشريعة هو ان يشترى سلعة بثمن مؤجّل ثمّ يبيعها بدون ذلك الثمن نقدا ليقض دينا عليه لمن قد حلّ له عليه و يكون الدين الثانى و هو العينة من صاحب الدين الاول. مأخوذ ذلك من العين و هو النقد الحاضر.
مجمع البحرين.
نام کتاب : المدخل إلى عذب المنهل في أصول الفقه نویسنده : الشعراني، أبو الحسن جلد : 1 صفحه : 75