نام کتاب : المدخل إلى عذب المنهل في أصول الفقه نویسنده : الشعراني، أبو الحسن جلد : 1 صفحه : 173
يتكلم بشىء عنى هو به معنى و لكن لا يفهمه أحد فهو أيضا باطل، و إن أرادوا أنه لا يفهمه جميع الناس بل يعنى به شيئا يفهمه بعضهم فهو صحيح فى مخاطبات العقلاء إذ فى كلامهم رموز و كذا فى اصطلاح أرباب الفنون، و لا دليل على عدم جوازه فى كلام اللّه تعالى.
و قال الأخباريون منا أن جميع ألفاظ الكتاب من قبيل المتشابه، و البحث معهم يطول ليس هنا موضع ذكره.
فإن قيل قوله تعالى: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا[1] يدل على قول الحشوية، من أن المتشابه لا يعلمه أحد إلّا اللّه و أما «الراسخون فى العلم» فمبتدأ، و «يقولون آمنا» خبره و هم لا يعلمون تأويل المتشابه، بل يؤمنون بظاهره فقط.
قلنا: و الراسخون فى العلم عطف على اللّه [2] و هو الأنسب بسياق الآية إذ الإيمان بظاهر المتشابه عام فى الراسخين فى العلم و غيرهم، و إنما لا يؤمن به الذى فى قلبه زيغ، سواء كان عالما أو غير عالم. و على هذا فيقولون آمنا جملة حالية، و الجملة الحالية إذا كانت مبدوة بفعل مضارع لا يجوز دخول الواو عليه، نحو جاء زيد يسرع، و أما الماضى فتجب الواو و قد فيه، تقول: جاء زيد و قد أسرع. و غير العارف بكلام العرب يستبعد جعل جملة يقولون حالية و يرجح كونها خبرية، و ليس بشىء.
ثم أقول: يجوز أن يكون الحال للمعطوف من غير المعطوف عليه مع القرينة، كقوله تعالى: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً[3]، و النافلة حال من يعقوب خاصة لان النافلة ولد الولد، و هكذا فى الآية السابقة