ففي المقام نقول بأنّ الأمر بالمهم يكون مؤخّرا عن الأمر بالأهمّ بمرتبتين، لأنّ الأمر المهم مشروط بعصيان الأمر الأهم، فإذا عصيان الأمر يكون مؤخّرا عن الأمر بمرتبة و المفروض أنّ المهم مشروط بعصيان الأمر الأهم فشرط الأمر المهم و هو العصيان مقدّم عليه بمرتبة فيكون الأمر المهم مؤخّر عن الأمر بالأهمّ بمرتبتين فلا يلزم محذور، هذا حاصل الاستدلال.
و أمّا جوابه فنقول: قلنا في هذه المقدمة أنّ ما يعتبر في الضدّين هو الوحدات الثمانية التي تكون شرطا في التناقض، و لا يشترط في الضدّين اتّحاد الرتبة فإذا نقول بأنّه مع كونهما في مرتبتين أيضا يعود المحذور، حيث إنّه و لو كان بين الأمرين اختلاف الرتبة و لكن حيث إنّ مقتضاهما في زمان واحد يلزم الاجتماع، إذ في آن ارتكاب المهم يكون آن مقتضى الأهمّ فيكون مقتضى الأمرين واحدا من حيث الزمان فلا يخفى عليك أنّ كلام المجوّزين لا يتمّ و لو فرضنا عدم كون الأمرين في رتبة واحدة، بل و لو فرضنا كون اقتضائهما أيضا مختلف من حيث الزمان مع هذا لا يرفع المحذور.
مثلا لو فرضنا أنّ الأمر الأهم يكون في هذا اليوم و اقتضاؤه أيضا يكون في هذا اليوم و الأمر المهم يكون في الغد و اقتضاؤه في الغد، و لكن الأمر الأهم يكون مقتضاه هو صوم الغد و الأمر المهم يكون مقتضاه إفطار الغد مع هذا يلزم اجتماع الضدّين في زمان واحد حيث إنّ في الغد الأمر الأهم يكون مقتضاه هو الصوم و الأمر المهم في الغد يكون مقتضاه هو الإفطار، فحيث إنّ مقتضاهما لم يمكن أن يجتمع في زمان واحد يعود المحذور و يلزم اجتماع الضدّين.
فظهر لك أنّ المحذور لم يكن صرف اجتماع الأمرين أو اقتضائهما، بل المحذور باق على تقدير اجتماع المقتضيين فثبت بما قلنا أنّه: