و ترت رسول اللّه في أهل بيته # فكيف رأيت اللّه طالب بالوتر
الجاحظ قال: مررت بقبرين مكتوب على أحدهما: أنا ابن سافك الدماء، و على الآخر: أنا ابن ساجن الريح، فسألت عنهما فقيل: كان أحدهما حجّاما و الآخر حدّادا.
قال الكسروي: مررت بناووس [1] في الرّيّ فإذا عليه مكتوب:
و ما نار بمحرقة جوادا # و إن كان الجواد من المجوس
و رأيت على ناووس ذكر أنّه ناووس مهيار بن مهفيروز:
أيا ميتا قد كان في أهل دينه # مكان سنان الرّمح لمّا تقدّما
لقد كنت أرجو الدّهر أن يسعف النّوى # و أرجو المنايا أن توافيك مسلما
فإن بخست آمالنا فيك ضلّة # فقد عشت في الدّنيا حميدا مكرما
و عوفيت من غم التّراب فيا لها # سعادة جدّ ما أجلّ و أعظما
محاسن ما قيل في الشيب
قال: دخل منصور النميريّ على الرشيد فأنشده:
ما كنت أوفي شبابي كنه عزّته # حتى مضى فإذا الدّنيا له تبع
فبكى الرشيد و قال: يا نميريّ لا خير في دنيا لا يخطر فيها بحلاوة الشباب و يستمتع بأيّامه، و أنشد:
و لو أنّ الشّيب رزء حلّ بي # وقت ما استحققت شيبا لم أبل
بل أتاني و الصّبا يرمقني # مثل ما يأتي الكبير المكتهل
و أنشد:
حسرت عني القناع ظلوم # و تولّت و دمعها مسجوم
أنكرت ما رأت برأسي فقالت # أ مشيب أم لؤلؤ منظوم
قلت شيب و ليس عيبا، فأنّت # أنّة يستثيرها المهموم
و اكتست لون مرطها ثمّ قالت # هكذا من توسّدته الهموم
إن أمرا جنى عليك مشيب الـ # رّأس في جمعه لأمر عظيم
شدّ ما أنكرت تصرّف دهر # لم يداوم و أيّ شيء يدوم
[1] ناووس: الناووس مقابر النصارى.