فقلت و في قلبي جوى لفراقها # ألا لا تعزّيني فلست أجيب
أعاذل حبّي للغريب سجيّة # و كلّ غريب للغريب حبيب
لئن قلت لم أجزع من البين إن مضوا # لطيّتهم إني إذا لكذوب
بلى غبّرات الشّوق أضرمت الحشا # ففاضت لها من مقلتي غروب
و لآخر:
إذا اغترب الكريم رأى أمورا # محجّلة يشيب لها الوليد
قال أبو الحسين محمّد بن أحمد بن يحيى بن أبي البغل: أنشد أبو العبّاس أحمد بن يحيى ثعلب:
ما كنت أحسب أن يكو # ن كذا تفرّقنا سريعا
بخل الزّمان عليّ أن # نبقى كما كنّا جميعا
فأحلّني في بلدة # و أحلّلك البلد الشّسيعا
قد كنت أنتظر الوصا # ل فصرت أنتظر الرّجوعا
إلفان كانا لهذا الحبّ قد خلقا # داما عليه فتم الوصل و اتفقا
كنا كغصنين في عود فغالهما # ريب الزّمان و صرف الدهر فافترقا
فاصفر عودهما من بعد خضرته # و أسقط البين من عوديهما الورقا
أ تظعن و الذي تهوى مقيم # لعمرك إنّ ذا خطب عظيم
إذا ما كنت للحدثان عونا # عليك و للفراق فمن تلوم
لقد شفّني أني أدور ببلدة # أخلاّي منها نازحون بعيد
أقلّب طرفي في البلاد فلا أرى # وجوه أخلاّي الّذين أريد
قف بالمنازل وقفة المشتاق # و اسفح بها من دمعك المهراق
لا تبخلن على الدّيار بأدمع # يجرين بين محاجر و مآقي
تلك الدّيار كما عهدت عميرة # لكنّها صفر من الطّراق
لم يبقها أمد تقادم عهده # فالدّمع ينطق و الرّسوم بواقي
لهفي على زمن مضت أيّامه # و العيش غضّ مورق الأوراق