و ذهب بعضهم [1] الى أنّ المراد من أهل البيت في الآية من حرمت عليهم الصدقة، و هم: «بنو هاشم كافة»، مستدلين على ذلك بما أخرجه مسلم في باب فضائل علي من صحيحه عن زيد بن أرقم، و قد قيل له: من أهل بيته؟ نساؤه؟
قال: لا «و أيم اللّه إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع الى أبيها و قومها، أهل بيته أصله، و عصبته الذين حرموا الصدقة بعده» [2]، ا ه.
و أنت تعلم أن استدلالهم هذا باطل من وجهين:-
(أحدهما): أنّك لو راجعت هذا الحديث من صحيح مسلم، تعلم أن زيدا إنّما سئل عن مراد النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) بأهل بيته الذين ذكرهم في قوله: «إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي» [3]. فأجاب عن خصوص هذا السؤال بما سمعت، و لم يتعرض لبيان المراد بأهل البيت المذكورين في الآية، إذ لم يسأل عنهم.
فكيف ننقل عنه في تفسير الآية ما قاله في تفسير الحديث؟ و هل هذا إلّا كالمغالطة.
و لو سئل زيد عن الآية لأجاب بالصواب، كما فعل أبو سعيد الخدري و مجاهد و غيرهم، و ما كان ليخفى عليه حديث الكساء، و لا ليخالف في تفسيرها سيد الأنبياء صلّى اللّه عليه و آله.
[1] نسب هذا القول القرطبي في تفسيره ج 14 ص 119، الى الثعلبي، و أنظر كذلك الى الثعلبي في تفسيره: ج 8 ص 44.
[3] المراد من أهل بيته هنا مجموعهم من حيث المجموع، باعتبار دخول أئمتهم فيهم و القرينة على ذلك اقترانهم بالكتاب الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و ليس المراد من عترته و أهل بيته جميعهم على سبيل الاستغراق و الشمول لكل فرد فرد منهم، و هذا المعنى هو الذي أراده زيد بن أرقم.