غلبة الظنّ و نحو ذلك؛ فتارة يعمل بالأصل و لا يلتفت الى الظّاهر- و هو الأغلب- و تارة يعمل بالظاهر و لا يلتفت الى هذا الأصل، و تارة يخرّج في المسألة خلاف.
[و من أمثلة على صور التّعارض]
و من أمثلة الأوّل: إثبات شغل ذمّة المدّعى عليه بالبيّنة، و إخبار ذي اليد بطهارة ما في يده بعد العلم بنجاسته أو بالعكس، و مثل: الإخبار ببلوغ الظّل في موضع يعلم منه دخول الظهر، لا الإخبار بنفس الظّهر.
و من أمثلة الثّاني: إباحة الأكل في شهر رمضان مع الشّك في طلوع الفجر، و ثياب من لا يتوقّى النّجاسة، الى غير ذلك ممّا لا يعدّ.
و من أمثلة الثّالث: أن يشكّ بعد الفراغ من الصلاة أو الطهارة في فعل من أفعالها، فإنّ الظّاهر وقوعها على الوجه المأمور به، و العمل بظنّ دخول الوقت مع عدم إمكان تحصيل العلم، و تزوّج امرأة المفقود بعد الفحص أربع سنين على التّفصيل المعهود، الى غير ذلك.
و من أمثلة الرّابع: غسالة الحمّام و طين الطّريق إذا غلب على الظنّ نجاسته، و طهارة ما بأيدي المخالفين من اللّحم و الجلد، و المشهور في الأوّل النّجاسة، و في الثّاني و الثّالث الطهارة.
أقول: و فيما ذكره (رحمه اللّه) تأمّل، فإنّ الخلاف و الوفاق في المقامات غير مطّرد.
و التّحقيق، إنّ الأدلّة الشّرعيّة رافعة للأصل.
و القول بأنّ الأصل مقدّم على الظّاهر فيما يستفاد الظّهور من غير الأدلّة الشّرعيّة المعهودة ممّا ذكرنا، غير ظاهر، بل الأظهر فيه أيضا تقديم الظّاهر إلّا ما أخرجه الدّليل، و ما يقدّم فيه الظّاهر على الأصل في الشّريعة، غير محصورة، منها ما ذكرناه و إن كان تقديم الأصل على الظّاهر أيضا كثيرا سيّما في أبواب الطهارة و النّجاسة و الأحداث.