و الحاصل، أنّ المدار على حصول الظنّ، و هو تابع للمقامات و الشّهرة كالإجماع ينقسم الى القطعيّ و الظّنّيّ بالاطّلاع عليها أو بالنّقل، و ربّما يتعارض النّقلان كما وقع في مسألة عدد الرّضعات بالنّسبة الى العشرة و الخمس عشرة، و ربّما جمع بينهما بأنّ اشتهار الأوّل بين القدماء و الثّاني بين المتأخّرين.
[موافقة الأصل و مخالفته]
الثالث: موافقة الأصل و مخالفته، و يقال للموافق: المقرّر، و المخالف: النّاقل.
فبعضهم رجّح المقرّر لأنّه موجب لحمل كلام الشّارع على التّأسيس و الإفادة دون التّأكيد، فإنّ العمل على المقرّر موجب لتقديم النّاقل عليه. يعني أنّ الشّارع حكم أوّلا بالنّاقل. و فائدته رفع حكم الأصل، ثمّ قال بالمقرّر لرفع حكم النّاقل، فكلّ وقع في محلّه.
و لو عمل بالنّاقل لزم الحكم بتأخّره عن المقرّر فيكون وقوع المقرّر قبله بلا فائدة لاستفادة مفاده من العقل، فيكون تأكيدا لا تأسيسا، و أنت خبير بضعف هذا الاستدلال، لأنّ الأحكام الموافقة للأصل ما فوق حدّ الإحصاء، و هذا الاعتبار الضّعيف لا يرفع هذه الغلبة.
و بعضهم رجّح النّاقل لأنّه يستفاد منه ما لا يستفاد إلّا منه، بخلاف المقرّر، فحمل كلام الشّارع على التّأسيس أولى، و بأنّ العمل به يقتضي تقليل النّسخ لأنّه إنّما يزيل حكم العقل، بخلاف المقرّر فإنّه يزيل حكم النّقل بعد ما أزال هو حكم العقل.
و يضعّف الأوّل: بأنّ ذلك إذا قدّرنا تقدّم المقرّر، و إن قدّرناه متأخّرا فليس كذلك.
و الثّاني مع أنّه معارض: بأنّ ذلك نسخ للأقوى بالأضعف، لأنّ المنسوخ حينئذ