و قالوا: إنّ العمل بهما من وجه أولى من إسقاط أحدهما بالكلّيّة.
و مرادهم من الأولويّة التّعيين، كما في قوله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ[1]. و هو صريح العلّامة (رحمه اللّه) في «التهذيب» [2].
و يحصل الجمع بين الدّليلين غالبا بحمل العامّ على الخاصّ في العامّ و الخاصّ المطلقين.
و يحمل [و بحمل] كلّ من المتناقضين على بعض أفراد موضوع الحكم.
و أمّا الأعمّ و الأخصّ من وجه، فلا يمكن تخصيص كلّ منهما بالآخر للزوم التّساقط، اللّهم إلّا أن يرجع أحدهما الى بعض أفراد العامّ و يبقى الآخر على عمومه، كما سنشير إليه. و إن لم يمكن ذلك، فلا بدّ من الرّجوع الى المرجّحات الخارجيّة.
و أما بين الأمر و النّهي، فقد يمكن الجمع بحمل الأمر على الرّخصة و النّهي على المرجوحيّة، فيحصل الكراهة. و لا يلتفتون في هذا المقام الى ملاحظة التّراجيح و القوّة و الضّعف كما أشرنا إليه في مبحث تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة.
و قال في «تمهيد القواعد» [3] في مقام التّعليل لهذا الحكم: لأنّ الأصل في كلّ واحد منهما هو الإعمال، فيجمع بينهما بما أمكن، لاستحالة التّرجيح من غير مرجّح.