بدينه و جعله وسيلة الى ربّه، و حبّب الى نفسه موادّة خالقه و الاطاعة له، و سكن الى عقائده و اطمئنّ بها، و بالكافر من يقول بلسانه تبعا للناس ما ليس في قلبه منه نور و لا اعتناء له بشأنه، و لا يدلّ ذلك على أكثر من اعتبار الجزم و السّكون و الاطمئنان و الاعتناء و الاعتماد.
و أمّا كونه ناشئا عن دليل تفصيليّ و برهان مصطلح، فلا، و لا ريب أنّ مثل هذا الشّخص الغير المعتني مع إتمام الحجّة عليه، مستحقّ للعقاب.
و قد ذكر بعضهم لهذا الحديث تأويلا بملاحظة نوع من التّقيّة، و طبّقه على الأخذ بالتّقليد مستدلّا بتثبيت اللّه تعالى، فإنّ التّثبيت لا يمكن إلّا في المقلّد المتزلزل، و هو لا يتحقّق في المتيقّن بالاستدلال، فوجه خلاص الأوّل أنّ دعامة إسلامه الى هداية اللّه تعالى، و الثّاني على متابعة النّاس من بيعة أو إجماع، و هو بعيد.
[و الكلام في المقام]
احتجّ النّافون لوجوب النّظر- و هم بين قائل بجوازه، و قائل بحرمته- بوجوه:
الأوّل: لزوم الدّور إن وجب، و ذكر في تقريره وجوه، أوجهها بناء على القول بنفي حكم العقل كما هو مذهب الأشعريّ: أنّ وجوب النّظر في معرفة اللّه تعالى المفروض استفادته من إيجابه تعالى موقوف على معرفة اللّه، و أنّه هل يجب اتّباعه أم لا. و معرفته كذلك موقوفة على وجوب النّظر في معرفة اللّه المفروضة.
و جوابه: أنّ الوجوب عندنا عقليّ لا شرعيّ كما أشرنا.
و ذكر الفاضل الجواد (رحمه اللّه) في «شرح الزّبدة» في بيانه: أنّ النّظر لو وجب لتوقف على العلم بصدق الرّسول (صلى الله عليه و آله) و سلم، إذ الوجوب ثبت بالشّرع، و العلم بصدق الرّسول (صلى الله عليه و آله) و سلم يتوقّف على النّظر في معجزته، إذ لو لم ينظر في معجزته لم يعلم كونه صادقا من كونه كاذبا.