و فيه: أنّ مدلول هذه الأخبار فيما جهلوه إجمالا و تفصيلا، و لم يتفطّنوا لوجوب معرفته أو غفلوا عنه بعد الفحص و التّفتيش أيضا واضح و مسلّم لا غبار عليه. و أمّا فيما علم إجمالا وجوب المعرفة فيه و حصل احتمال ظاهر بوجوب الطّلب بالنّسبة الى بعض ما لا نعلمه، فلا يصدق مدلولها لحصول العلم في الجملة، و إن لم يكن تفصيلا، و لذلك ترى الفقهاء لا يتمسّكون بعموم هذه الأخبار بعد قولهم بالعمل بأصل البراءة.
و العمل بأصل البراءة عندهم مشروط بالتّفحّص عن الأدلّة بقدر الوسع، و مع حصول الظنّ بعدمها، فحينئذ يعملون بمقتضاها لحصول العلم الإجمالي لهم باختلاف الأدلّة و تعارضها، و اشتغال الذمّة بشيء غير مبيّن.
و الحاصل: أنّ بعد حصول العلم الإجمالي و التّفطّن بوجوب تحصيل المعرفة بالأحكام، لا يجوز المسامحة، و العمل بأيّ ظنّ يحصل ما لم تطمئنّ [2] إليه النّفس بحيث لم يبق له تزلزل في الأمر.
و يدلّ على ذلك أيضا روايات كثيرة، مثل ما رواه الشيخ في الصّحيح عن أبي عبيدة الحذّاء [3] عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) «قال: سألته عن امرأة تزوّجت رجلا و لها زوج، قال: فقال (عليه السلام): إن كان زوجها الأوّل مقيما معها في المصر التي هي فيه تصل إليه أو يصل إليها فإنّ عليها ما على الزّاني المحصن الرّجم». الى أن قال: