و تحقيق القول فيه يتوقّف على بيان مقدّمة، و هي: أنّ جواز الاجتهاد و التّقليد و وجوب الرّجوع الى المجتهد، من المسائل الكلاميّة المتعلّقة بأصول الدّين و المذهب، لا من أصول الفقه، و لا من فروعه، فهو يجري مجرى وجوب إطاعة الإمام (عليه السلام) و تعيينه، لأنّه لا مناص عن لزوم معرفة أنّ الحجّة بعد غيبة الإمام (عليه السلام) من هو، و لا دخل لذلك في مسائل الفروع.
فإنّ المراد «بالفروع» هو الأحكام المتعلّقة بكيفيّة العمل بلا واسطة، و تسمّى الأحكام العمليّة أيضا، و مقابلها الأصول و هي الاعتقادات التي لا تتعلّق بالتكليف بلا واسطة، و إن كان لها تعلّق بها في الجملة، و لا في مسائل أصول الفقه، فإنّها الباحثة عن عوارض الأدلّة، و ليس ذلك من عوارض الأدلّة أيضا كما لا يخفى، بل معرفة حقيقة الاجتهاد و المجتهد أيضا ليس من مسائل أصول الفقه، و لذلك جعل بعضهم الاجتهاد و التّرجيح من جملة موضوع هذا العلم.
و الحاصل، أنّ الرّجوع الى العالم بأحكام الشّرع في غير حضرة الإمام (عليه السلام) من مسائل أصول الدّين و المذهب التي تثبت بالعقل و بالنقل أيضا، مثل المعاد، و مثل وجوب الإمام (عليه السلام) بعد النبيّ (صلى الله عليه و آله) و سلم للرعيّة و نحوهما. فكما لا بدّ للمكلّف الاعتقاد بمتابعة الإمام (عليه السلام) إمّا بالعقل أو بالنصّ، فكذا لا بدّ من الاعتقاد بوجوب متابعة العالم بعد فقد الإمام (عليه السلام) إمّا بالعقل أو بالنّقل، و هذا حال عدم حضور الإمام (عليه السلام) سواء كان في حال حياته و ظهوره أو في حال غيبته المنقطعة.
أمّا العقل، فلأنّ كلّ من يدخل في أهل ديننا مثلا يعلم بالضّرورة من شرع