شكّ في حصول الماهيّة الثابتة بالدّليل المفروغ عنها في الخارج، بسبب الشّك في حصول بعض أجزائها و هو معنى الاستصحاب، و مقتضى قولهم: لا تنقض اليقين بالشّك أبدا، و هذا مثل ما لو شك في فعل الصلاة مع بقاء الوقت أو في بعض أجزائها ما لم يدخل في آخر، الى غير ذلك ممّا لا يحصى.
و أمّا ما ذكره المحقّق [1] من مثال الولوغ، فالمفصّل يقول: إنّ الذمّة مشغولة بوجوب تطهير الإناء، و لا يحصل اليقين به إلّا بالسّبع.
و فيه: أنّه لم يثبت اشتغال الذمّة في التطهير إلّا بأحد الأمرين أو بأقلّهما، لأنّه هو المتيقّن الثبوت، و المجمع على ثبوته، و إن لم يكن مجمعا على مطهريّته.
فالتطهير تكليف مغاير لوجوب الاجتناب عن الإناء، و هذا التكليف اختلفت فيه الأمارتان، فإذا لم يترجّح أحدهما على الآخر فنقول: مقتضى الأدلّة التخيير و هو مقتضى أصل البراءة.
[في استصحاب وجوب الاجتناب]
و أمّا استصحاب وجوب الاجتناب فهو أمر آخر، و هو أيضا مستصحب يمكن أن يكون مؤيّدا لإحدى الأمارتين و هو أمارة السّبع، و هذا ليس معنى استصحاب شغل الذمّة بالتطهير المقتضي لإيجاب السّبع، فإنّ التطهير تكليف جديد ورد فيه أمارتان مستقلّتان، و حكم التعارض فيهما التخيير و جواز اختيار الأقلّ، فحينئذ نقول: الأصل براءة الذمّة عن وجوب التطهير إلّا بما تيقّن اشتغالها به، و هو الغسل مرّة، و الآخر منفيّ بالأصل و إن كان استصحاب النجاسة يؤيّد العمل بالسّبع، و هذا هو مراد المحقق [2](رحمه اللّه)، لا أنّ اشتغال الذّمة بوجوب الاجتناب عنه الذي هو معنى