و أمّا ما يظهر من بعض المجتهدين العمل عليه وجوبا كالسيّد (رحمه اللّه) و غيره، فهو في غير ما لا نصّ فيه، بل هو ممّا ثبت اشتغال الذّمة فيه بزعمهم كما لا يخفى على من لاحظ مظانّها، فلاحظ «الانتصار» [1] و «المسائل الناصريّة» [2] و سائر كلمات من ذهب الى هذه الطريقة كالشهيد (رحمه اللّه) في كثير من كلماته.
و أمّا التفصيل [3]، فيحتاج الكلام فيه الى بيان المعنى المراد من اشتغال الذّمة.
فأقول: لا ريب أنّ الأقوى، بل المتعيّن أنّ مع اشتغال الذّمة بشيء لا بدّ من حصول اليقين برفعه أو الظنّ القائم مقامه للاستصحاب، و قولهم (عليهم السلام): «لا تنقض اليقين إلّا بيقين مثله» [4].
[المراد بالاشتغال]
و المراد بالاشتغال هو الاشتغال المعلوم، كذلك فالرّافع و المزيل أيضا لا بدّ أن يكون كذلك، و في غيره لم يثبت. فإذا علمنا التكليف بالصلاة في الجملة، فلا يثبت اشتغال ذمّتنا إلّا بما ظهر لنا أنّه صلاة، إمّا بالعلم أو الظنّ الاجتهاديّ بأنّه هو الصلاة، و لم يثبت اشتغال ذمّتنا بما هو صلاة في نفس الأمر خاصّة، فإنّ الألفاظ و إن كانت أسامي للأمور النّفس الأمريّة، و لكنّ التكليف لم يثبت إلّا بما أمكننا معرفته، لعدم توجّه الخطاب الشّفاهي إلينا حتّى نتّبع ظاهر اللّفظ بعد تسليم ظهوره
[1] في وجوب القنوت بين كل تكبيرتين من تكبيرات العيد لأنّ باقي الفقهاء لا يراعي ذلك، تمسّكا بأنّه لا يحصل اليقين ببراءة ذمته من الوجوب إلّا بالقنوت. راجع «الانتصار» ص 171.