احتج القائلون بالاحتياط: بقوله (عليه السلام): «دع ما يريبك الى ما لا يريبك» [1].
و بأنّ الثّابت اشتغال الذّمة يقينيّا فيجب أن لا يحكم ببراءتها إلّا بيقين، و لا يقين إلّا مع الاحتياط.
و الجواب عن الحديث أن نقول: هو خبر واحد لا يعمل بمثله في مسائل الأصول.
سلّمناه لكن إلزام المكلّف بالأثقل مظنّة الرّيبة لأنّه إلزام بمشقّة لم يدلّ الشّرع عليها، فيجب اطراحها بموجب الخبر.
و الجواب عن الثاني أن نقول: البراءة الأصليّة- مع عدم الدلالة الناقلة- حجّة.
و إذا كان التقدير، [تقدير] عدم الدلالة الشرعيّة على الزّيادة، كان العمل بالأصل أولى، و حينئذ لا نسلّم اشتغال الذّمة مطلقا، بل لا نسلّم اشتغالها إلّا بما حصل الاتّفاق عليه، أو اشتغالها بأحد الأمرين.
و يمكن [2] أن يقال: قد أجمعنا على الحكم بنجاسة الإناء و اختلفنا فيما به يطهر، فيجب أن يؤخذ بما حصل الإجماع عليه في الطهارة ليزول [فيزول] ما أجمعنا عليه من النجاسة بما أجمعنا عليه من الحكم بالطهارة. انتهى.
أقول: قد عرفت عدم الإشكال في عدم وجوب الاحتياط فيما لا نصّ فيه، و شبهة الموضوع للعقل و النقل، و ستعرف فيما تعارض فيه النصّان في محلّه.
فالقول بوجوب الاحتياط مطلقا لا يحتاج ضعفه الى البيان، و لعلّ القول به مختصّ بالأخباريين.