و في الموثّق [1] عن ابن بكير عن حمزة بن الطيّار أنّه عرض على أبي عبد اللّه عليه الصلاة و السلام بعض خطب أبيه (عليه السلام) حتّى إذا بلغ موضعا منها، قال له: «كفّ و اسكت». ثمّ قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكفّ عنه و التثبّت له و الرّد الى أئمة الهدى (عليهم السلام) حتى يحملوكم فيه على القصد و يجلوا عنكم فيه العمى و يعرّفوكم فيه الحقّ، قال اللّه تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» [2].
الى غير ذلك من الأخبار الكثيرة، و هذا أوضحها دلالة.
و استدلّوا أيضا: بحديث التثليث المشهور بين الخاصّة و العامّة، قال الصادق عليه الصلاة و السلام فيما رواه في الكافي [3] عن عمر بن حنظلة: قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) و سلم: «حلال بيّن و حرام بيّن و شبهات بين ذلك، فمن ترك الشّبهات نجا من المحرّمات، و من أخذ بالشّبهات ارتكب المحرّمات فهلك من حيث لا يعلم».
و تقريب الاستدلال، أنّ من الأشياء ما يجوز فعله لقيام دليل معتبر عليه، و منها لا يجوز فعله كذلك، و منها ما يحتمل الأمرين، إمّا لعدم بلوغ دليله إلينا أو للاحتمال و الدليل في الاشتباه، فمن ترك الشّبهات- يعني جميعها- نجا من المحرّمات- أي ممّا هو حرام في الواقع- و من أخذ بها، أي بجميعها، ارتكب المحرّمات لوجوده فيها جزما، لإخبار المعصومين (عليهم السلام) أو للعلم العادي بذلك، و المراد مجاز المشارفة إن لم يحمل الشّبهات على العموم، و بغيره من الأخبار