و المراد بالوقف: أنّا نجزم أنّ هناك حكما و لم نعلم أنّه إباحة أو تحريم.
و الفرق بين المتوقّف و الحاظر أنّه يجزم بالحرمة فيكفّ عنه لأجل الحرمة، و المتوقّف يكفّ عنه خوفا عن الوقوع في الحرام.
[الكلام في معنى قبل الشّرع]
بقي الكلام في معنى: قبل الشّرع، و المراد به قبل وصول الشّرع إليه، سواء كان ذلك في زمان الفترة، أو في وقت اضطرار المكلّف و انقطاعه بسبب حبس أو مانع أو نحو ذلك [1].
و لا ينافي ذلك عدم خلوّ زمان من الأزمنة عن نبيّ أو وصيّ أو حافظ للشريعة على أصولنا، و لا ما ورد بأنّ جميع الأحكام صدر عن اللّه تعالى و هو مخزون عند أهله، فإنّ من المعاين المحسوس أنّ ذلك بحيث يمكن وصوله إلى كلّ أحد من المكلّفين مع أنّ بيان الأحكام تدريجيّ.
نعم، بعد ما وردت [2] الأحكام الشرعيّة و ظهر لنا حرمة بعض الأشياء التي لم تدرك عقولنا حرمتها، و وجوب بعض آخر كذلك، فلا يجوز الاعتماد على ذلك الأصل حتى يقع التتبّع التّام كما في كلّ ما لا نصّ فيه، فإنّه لا يجوز التمسّك بأصل البراءة أوّلا حتى يحصل الظنّ بعدم المعارض كما سيجيء إن شاء اللّه تعالى [3].
ثمّ إنّ القول: بأنّ كلّ ما فيه منفعة خالية عن المضرّة قبل ورود الشّرع ممّا يستقلّ بحكمه العقل على القول بالإباحة و الحظر، إنّما يتمّ أن لو قلنا بأنّ الدليل