العقل لا بنفس التكليف العقليّ كما يشير إليه قوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ[1].
فوجوب كل الألطاف إذا لم يثبت، فإن أراد من قوله: إنّ العقاب بدون اللّطف قبيح قبحه مع عدم شيء من الألطاف فسلّمناه، لكن اللّطف لا ينحصر في توافق التكليف السّمعي و توارده مع التكليف العقلي، و انتفاء المقرّب إلى الطاعة و المبعّد عن المعصية بدون ذلك ممنوع، إذ البلاء و المرض و الموت و أمثال ذلك، و كذلك سائر التكاليف السّمعية كلها لطف.
مع أنّا نقول: إنّ بعث الأنبياء و نصب الأوصياء و إنزال الكتب من الألطاف البالغة، و مع ذلك فأمر النبي (صلى الله عليه و آله) و سلم بمتابعة العقل و ورود الكتاب بذلك كاف في التقريب و التبعيد و لا حاجة إلى الحكم الخاصّ بما يوافق مدركات العقل.
- قوله: لطف، يعني إنّ التكليف النّدبي بالمندوبات العقلية مؤكد للواجبات العقلية، و هذا قريب من ما ذكره المحقق الثاني في «جامع المقاصد» في بيان نيّة وجه الوجوب و النّدب في الوضوء حيث قال: المراد بوجه الوجوب و النّدب السّبب الباعث على ايجاب الواجب و ندب المندوب فهو على ما هو قرّره جمهور العدليين من الإمامية و المعتزلة انّ السّمعيات ألطاف في العقليات، و معناه انّ الواجب السّمعي مقرّب من الواجب العقلي أي امتثاله باعث على امتثاله، فإنّ من امتثل الواجبات السّمعية كان أقرب الى امتثال الواجبات العقلية من غيره، و لا معنى للّطف إلّا ما يكون المكلّف معه أقرب الى الطاعة، و كذا النّدب السمعي مقرّب من الندب العقلي أو مؤكدا لامتثال للواجب العقلي فهو زيادة في اللّطف و الزّيادة في الواجب لا يمتنع أن يكون ندبا. و لا نعني أنّ اللّطف في العقليات منحصر في السّمعيات فإنّ النّبوة و الإمامة و وجود العلماء و الوعد و الوعيد، بل جميع الآلام تصلح للألطاف فيها، و إنّما هي نوع من الألطاف.