مصلحة، و ذلك لا يستلزم تلازم العلّة مع جميع أفراد تلك العبادة و الأساس كما أنّ سور البلد يحاط عليه لأجل دفع ما عسى أن يسنحه سانح [1] و إن لم يسنحه السّوانح في الغالب. و من هذا القبيل تعليل غسل الجمعة برفع أرياح الآباط [2]، و تسنين العدّة لأجل عدم اختلاط المياه، فذلك لا ينافي عدم الرّخصة في تركهما إذا انتفت [3] العلّة و المصلحة، كما لا ينافي رجحان شيء آخر يوجب ذلك من غسل البدن و التنظيف، و غيره من غير جعله عبادة شرعيّة.
تنبيه: [في طرق مقرّرة عند القائسين]
لمعرفة العلّة طرق مقرّرة عند القائسين مضبوطة في مظانّها.
و حاصل الكلام فيه، أنّ العلّة إما تستفاد من جهة الشّارع من إجماع بسيط أو مركّب، أو كتاب أو سنّة أو من جهة غيره.
أمّا الأوّل: فأمّا المستفاد من الإجماع فكثير، مثل أنّ التعدّي [4] من قوله (عليه السلام):
«اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» [5]. الى وجوب غسل البدن و الإزالة عن المسجد و المأكول و المشروب و غيرهما، إنّما هو لأجل استفادة أنّ علّة
[1] السّانح: ما أتاك عن يمينك، و يقال: سنح لي رأي و شعر يسنح أي عرض لي أو تيسّر، و قد ذكر في موضعه ابن السّكيت يقال: سنح له سانح فسنحه عما أراد أي ردّه و صرفه، و سنح بالرّجل و عليه: أخرجه أو أصابه بشرّ، راجع «لسان العرب» مادة سنح.
[2] جمع إبط و هو ما تحت الجناح، يذكّر و يؤنّث. و أرياح: مقصوده روائح الآباط.