فقول الشّارع: إذا وجدت طعم النّوم فتوضّأ، يدلّ على أنّ العلّة في وجوب الوضوء هو النّوم، و كذا غيره من الموجبات، و كذلك: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ[1] يدلّ على أنّ الصلاة علّة غائيّة.
و المراد بالعلّة هنا هو السّبب، و لا مانع من تعدّد الأسباب.
و كذلك: يحرم الخمر لأنّه مسكر، يدلّ على أنّ العلّة في الحرمة هو جهة القبح الحاصلة من الخمر من جهة الإسكار، و يمكن إدراجه تحت العلّة الغائيّة، يعني لئلّا يحصل به السّكر، كما يمكن إدراجه تحت الماديّة. و كذلك: «ماء البئر واسع لا يفسده شيء ... لأنّ له مادة» [2].
تدلّ على أنّ تلك العلّة الماديّة يقتضي عدم التنجّس.
و بأدنى تأمّل يظهر لك وجه التعدّي و طريقته في كلّ موضع، فالتعدّي في الأوّلين من المخاطب بالوضوء و الصلاة شفاها الى غيره إذا حصل فيه العلّة، و في الثالث من الخمر الى كلّ مسكر، و في الرابع من البئر الى ماء الحمّام و نحوه، و هكذا.
ثم إنّ العلّة قد تكون علّة لنفس الحكم من حيث هو، فلا يتخلّف عنها أينما وجدت و لا يثبت بدونها أبدا، و قد تكون علّة لتشريع [3] عبادة و تأسيس أساس.
و بعبارة اخرى: تؤسّس أساسا و تشريع [و الشّرع] عبادة لأجل حصول