و ليس معنى ذلك [1] إلّا أنّ العقل يدرك الأحكام الشرعية من أنّ اللّه تعالى يريد منهم العدل و ردّ الأمانة و ينهاهم عن الظلم و الفساد، و أنّ الصدق و التواضع و السّخاء و العفو حسن، و أنّ الكذب و الكبر و البخل و النّفاق قبيح، و أمثال ذلك.
فاللّطف إنّما هو لتعاضد العقل بالنقل حتى يكمل به البيان و يثبت به الحجّة.
[وجوه من الاعتراضات على قسم من الأدلّة و ردودها]
و قد أورد [2] على هذا القسم من الأدلّة العقليّة وجوه من الاعتراض سخيفة لا يليق كثير منها بالذكر أعرضنا عنها، و أقواها أمور:
[1] أي ليس معنى وجوب اللّطف في إرسال الرّسل و إنزال الكتب.
[2] و قد أورد ذلك الفاضل التوني الذي يظهر انّه أنكر الملازمة راجع «الوافية» ص 176.
و بعده أيضا السيد صدر الدين شارح «الوافية»، و في «هداية المسترشدين» 3/ 503:
و قد خالف فيه بعض العامة، حكاه الزّركشي عن جماعة من العامة و اختاره قال:
و حكاه الحنيفيّة عن أبي حنيفة نصا، و قد مال إليه صاحب «الوافية» من أصحابنا، إلّا أنّه تردّد في المقام، و كيف كان فلم يحكم بثبوت الملازمة المذكورة، و استشكل في الحكم بثبوت الحكم في الشّريعة بعد استقلال العقل في الحكم بثبوت حسن الفعل أو قبحه، و قد تبعه في ذلك السيد الشّارح لكلامه، و قد ينسب الى بعض الجماعة المتقدّمة القول بإنكار الملازمة المذكورة و ليس كذلك، بل قد صرّح غير واحد منهم بثبوت الحكم إذا قضى به الضّرورة العقلية حسب ما مرّ، نعم قد يومئ إليه بعض أدلّتهم و ليس صريحا فيه، فلا وجه للنسبة المذكورة. و السيد القزويني في حاشيته قال: و نقل ربما أدعي على خلافهما إجماع المخالف و المؤالف محصّلا و منقولا في حدّ الاستفاضة القريبة من التّواتر بسيطا و مركبا على معنى أنّ كل من قال بحكم العقل قال بالملازمة بينه و بين حكم الشرع، و كل من لم يقل به قال بها أيضا على تقدير حكم العقل فالأشاعرة أيضا داخلة في الإجماع المذكور إلا الزّركشي منهم على ما حكي.