أحدها: قوله تعالى: وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا[1] فإنّها تدلّ على نفي التعذيب إلّا بعد بعث الرّسول و تبليغه فلا يكون ما حكم العقل بوجوبه أو حرمته واجبا شرعيا أو حراما شرعيّا، بل هو إباحة شرعيّة.
و ردّ: بأنّ الواجب ما يستحقّ تاركه العقاب، و الحرام ما يستحقّ فاعله العقاب، و لا ملازمة بين الاستحقاق و فعليّة الجزاء.
و اعترض عليه [2]: بأنّ الواجب الشرعي مثلا هو ما يجوز المكلّف العقاب على تركه و مع الجزم بعدمه لإخباره تعالى بذلك، فلا تجويز فلا وجوب.
و فيه: أنّ هذا مناقشة في الاصطلاح.
و اعترض أيضا [3]: بأنّ الواجب الشّرعي مثلا ما يوجب فعله الثواب من حيث هو طاعة و تركه العقاب من حيث هو مخالفة، و إخبار اللّه تعالى بنفي التعذيب إباحة للفعل فلا طاعة و لا مخالفة و لا وجوب و لا حرمة.
و قد ظهر دفعه ممّا مرّ من أنّ العقل يحكم بأنّ اللّه تعالى أمرنا بالفعل و نهانا فيحصل الإطاعة و المخالفة، و لا ينحصران في موافقة الخطاب اللّفظي و مخالفته، و دلالة نفي التعذيب على الإباحة فيه منع ظاهر.
و على القول بكون جميع الأحكام مخزونا عند أهله و الانتقال من إدراك العقل إلى ما هو الموجود عند أهله، فصدق الإطاعة و المخالفة أظهر، فيصدق بعث الرسول (صلى الله عليه و آله) و سلم حينئذ و حصول التبليغ منه في هذا الحكم أيضا فيثبت الحكم