، فإنّها و إن كانت واردة في موارد خاصّة، لكنّ استقراءها و التأمّل فيها يورث الظنّ القويّ بأنّ العلّة في تلك الأحكام هو الاعتماد على اليقين السّابق، و هذا ليس من القياس في شيء، بل في كلّ من الرّوايات إشعار بالعليّة لو لم نقل باستقلاله في الدلالة، فلا أقلّ من أنّه يفيد ظنّا ضعيفا بها، فإذا اجتمعت [1] الظّنون الضّعيفة فيقوى في غاية القوّة، و يصدق عليه أنّه ظنّ حصل من كلام الشّارع لا من الترديد أو الدّوران و نحوهما، و إن شئت جعلته من عموم ظنّ المجتهد الذي أثبتنا حجّيته.
و الفرق بينه و بين الدّليل الأوّل أنّ المعتمد في الأوّل الظنّ الحاصل بسبب وجود الحكم في الآن السّابق، و فيما نحن فيه الظنّ الحاصل من تلك الأخبار، بأنّ العمل على مقتضى اليقين السّابق لازم و إن لم يكن مظنونا في نفسه، و بينهما فرق بيّن.
فمن الرّوايات قول الصادق عليه الصلاة و السلام في موثّقة عمّار [2]: «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر». و قوله (عليه السلام) أيضا [3] بطرق متعدّدة: «كلّ ماء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر».
و وجه انطباقهما على الاستصحاب ظاهر إذا جعلنا المراد أنّ كلّ شيء أو كلّ ماء يحكم بطهارته حتّى يحصل العلم بإصابة ما يعلم أنّه نجس إيّاه، مثل الشّك في