و هذه المذكورات من باب الدّليل، و إلّا فلا فائدة في الاستدلال بها.
فنقول: قاعدة لزوم البيع تعارض قاعدة الضّرر، و بينهما عموم من وجه [1]، و يحكم بالخيار ترجيحا للثاني من جهة العقل و العمل و غيرهما، و لو كانت من باب الأصل لما عارضت الدّليل.
ثمّ إنّه يشكل الأمر في الإضرار لو استلزم نفيه تضرّر الغير، سيّما إذا استلزم التصرّف في ملكه تضرّر الغير، و صرّح بعضهم بجوازه حينئذ.
و الأولى أن يقال: إنّه يجوز إذا لم يتضرّر الجار مع عدم تضرّر نفسه بتركه.
[1] في حاشية السيد علي القزويني: و التّحقيق أنّ هذه القاعدة كقاعدة نفي الحرج لا يعارضها سائر القواعد و لا أدلّة سائر الأحكام تكليفيّة أو وضعية إذا كانت بينها نسبة العموم من وجه حتى يرجع الى قواعد الترجيح كما زعمه، و تبعه صاحب «العوائد» لحكومة هذه القاعدة عليها، فإنّ دليلها و هو لا ضرر و لا ضرار في الاسلام، بدلالته اللفظية متعرّض لبيان مقدار موضوعات سائر القواعد و الأدلّة العامة و هو ما لا يترتب عليه ضرر، و نحوه قاعدة الجرح. و قضية ذلك انتفاء التعارض عما بينهما، لأنّ الدليل المحكوم عليه الذي بيّن مقدار موضوعه لا ينافي في الدليل الحاكم لكونه كالمفسّر له، نظير ما لو قال في خطاب: أكرم العلماء، و في آخر: أضف الفقراء، و في ثالث: اخلع المرأة، و هكذا، ثم قال بخطاب عام آخر: إنّ موضوعات أحكامي العدول و هذا كما ترى بيان لمقدار موضوعات الخطابات المذكورة لا أنّ مدلوله ينافي مداليلها، كما هو معنى التعارض المعروف بتنافي مدلولي الدّليلين، و هذا هو الوجه في تقديم الدليل الحاكم على المحكوم عليه، لا أنّه يرجّح عليه لمرجّح داخلي أو خارجي، لأنّ الترجيح فرع على التعارض و قد عرفت انتفائه مع الحكومة، و إنّما لا يحكم القاعدة على أدلة التكليف الضررية كالأمثلة المتقدمة، لعدم قبول موضوعاتها التفصيل و التقسيم الى مورد الضّرر و غير مورد الضّرر.