مضبوط عنده أو عن كونه ساهيا، و الظاهر أنّه يكفي في إطلاق الضبط كثرة الاهتمام في نقل الحديث بأنّه بمجرّد سماع الحديث يكتبه و يحفظه و يراجعه و يزاوله بحيث يحصل له الاعتماد و إن كان كثير السّهو، إذ ربّما يكون الإنسان متفطّنا ذكيّا لا يغفل عن درك المطلب حين الاستماع، و لكن يعرضه السّهو بعد ساعة أو أكثر، فمثل هذا إذا كتب و أتقن حين السّماع، فقد ضبط الحديث و هو ضابط.
و بمثل هذا يمكن أن يجاب عمّا يقال: إنّ حبيبا [حبيب] [1] الخثعمي ممّن وثّقوه في الرّجال، مع أنّ الصّدوق (رحمه اللّه) روى في الفقيه أنّه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) فقال:
إنّي رجل كثير السّهو فما أحفظ على صلاتي [2]. الحديث.
و يمكن أن يقال في وجهه: إنّ كثرة السّهو في الصلاة لا تنافي الضّبط في الرّواية، أو أنّ المراد كثير الشّك لكثرة استعمال السّهو في الشّك.
و اعلم أنّ معرفة الضّبط أيضا، إمّا تحصل بممارسة حال الرّاوي باختبار رواياته و اعتبارها بروايات الثّقات المعروفين بالضبط و الإتقان و موافقتها لها و لو من حيث المعنى فقط، أو بشهادة العدول. و قد ذكرنا أنّ قولهم: ثقة، شهادة على ذلك.
[1] بالإضافة و حذف التنوين و مثل ذلك يصحّ في نحو المقام قال في الألفية: و إن يكونا مفردين فأضف حتما و إلّا اتبع الذي ردف.