و دعوى قطعيّة حجّية الظنّ الحاصل من الكتاب قد عرفت الكلام فيه [1]، و أنّه ليس بثابت في الأصل، و على فرض الثبوت فلم يثبت فيما كان هناك خبر واحد يدلّ على حكم بالخصوص، مع أنّ الآية إنّما تفيد العموم لو كانت كلمة ما نكرة، و لو كانت موصولة فلا تنافي [2] جواز اتّباع بعض الظّنون.
و أمّا مثل قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ[3] فعلى خلاف الأصل، فإنّ الظاهر من ليس كلّ، أنّه سور للسّلب الجزئي.
و أمّا عن آية الذمّ، فمع أنّه يرد عليه بعض ما ذكر فيه [4] انّها ظاهرة في أصول الدّين بالنظر إلى سياقها، و إن قلنا بأنّ السّبب و المحلّ لا يخصّص اللفظ.
سلّمنا العموم في جميع الآيات لكن ما ذكرنا من الأدلّة يخصّصها، لأنّ الخاصّ مقدّم على العامّ.
و أمّا الثاني: فهو ما ذكره السيّد المرتضى (رحمه اللّه) في «جواب المسائل التبانيات» [5]
[2] لأنّ الموصولة عام و عمومها ليس من جهة النفي، و النفي الوارد على العام يفيد سلب العموم الذي يقال له رفع الايجاب الكلي، و لا ريب إنّه لا ينافي الايجاب الجزئي.
[4] أي بعض ما ذكر في الاستدلال بها، أي في الاستدلال السابق.
[5] في الحاشية بتقديم الباء الموحّدة على التاء، قال في القاموس: البتان كغراب اسم قرية ينسب اليها ابو الفضل البتاني الفقيه الزاهد، و البتان بكسر الباء و بالفتح و تشديد التاء أيضا قرية من مضافات حرّان و إليها ينسب احمد بن جابر البتّاني المنجّم. و لكن الصحيح التبانيات و هي أجوبة للسيّد على أسئلة ابو عبد اللّه محمّد بن عبد الملك التباني و هي أسئلة في الاجماع المصطلح عندهم و عن القياس و عن ادلّة عدم قبول السيّد للخبر الواحد و هي رسالة مهمة لأهميّة السّائل و الأسئلة المسئول.