ذلك غالبا إلّا مثل من يتكلّف في جعل إحدى مقدّمتي قياسه قطعيّة مع كون الأخرى ظنّية، فهل ينفعه ذلك في صيرورة النتيجة قطعية، أو من يحصّل العلم في بعض أجزاء صلاته مثلا مع كون سائر الأجزاء ظنّية، فهل ينفعه ذلك في صيرورة صلاته يقينية مع ملاحظة عدم كون الجزء مطلوبا بذاته و غير مفيد منفردا في نفسه.
و لو فرض ثبوت حكم مستقلّ [1] من جهة الظّنون المعلومة الحجّية مستقلا من دون حاجة إلى غيرها، فهو في غاية الندرة، و نتكلّم فيما لا يمكن ذلك فيه مع ثبوت التكليف فيه يقينا. فثبت من جميع ذلك أنّه لا مناص من العمل بالظنّ، إلّا ما أخرجه الدّليل، كالقياس و الاستحسان و نحوهما [2].
فمن جميع ما ذكرنا ثبت حجّية خبر الواحد، و هذا هو الدليل المعتمد في إثبات حجّيتها.
ثمّ قد ظهر لك ممّا حقّقنا المقام، أنّه لا فرق بين مسائل أصول الفقه و فروعه في جواز البناء على الظنّ، و أنّه لا دليل على اشتراط القطع في الأصول [3].
نعم لا بدّ في إثبات حجّية ظنّ المجتهد من دليل قطعي، و سنشير في موضعه أنّه من الأصول الكلامية لا الأصول الفقهية. و إذا صار ظنّه حجّة فلا فرق بين الأصول و الفروع، و سيجيء زيادة توضيح لهذا في مبحث الاجتهاد و التقليد.
فلنرجع إلى ذكر أدلّة النافين لحجّية خبر الواحد
و هو أيضا من وجهين:
أحدهما: هو الدّليل على حرمة العمل بالظنّ، إلّا ما أثبته الدّليل