حجيّته بذاته من قبل الشّارع ليتمّ حجّيّته في زمان إمكان العلم أيضا أو لأجل دفع توهّم حرمة العمل به؛ خصوصا كالقياس، لأجل ما ادّعاه السيّد (رحمه اللّه) من الإجماع على الحرمة، كما سيجيء، و إلّا فهذه الأدلّة على جواز العمل بالظنّ عند الاضطرار يكفيهم في جواز العمل بخبر الواحد، و كذلك استدلالهم في حجّية ظواهر الكتاب لدفع ما توهّمه الأخباريّون من المنع.
و على هذا فقس سائر المقاسات [1] التي استدلّوا على حجّيتها بالخصوص من القياس المنصوص العلّة و مفهوم الموافقة و استصحاب حال الشّرع و غيرها.
و الأدلّة على ذلك من وجوه، و أنت إذا تأمّلتها تقدر على استنباط حجّية خبر الواحد منها [2].
الأوّل: أنّ باب العلم القطعيّ في الأحكام الشرعية منسدّ في أمثال زماننا في غير الضّروريات غالبا،
و لا ريب أنّا مشاركون لأهل زمان المعصومين (عليهم السلام) في التكاليف، و ليس في غير ما علم ضرورة أو إجماعا أو حكم به العقل القاطع ما يدلّ على الحكم باليقين. فإنّ الكتاب بنفسه لا يفيد إلّا الظنّ، و كذلك أصل البراءة، و الضّرورة و الإجماع، و العقل القاطع لا يثبت بها [3] شيء ينفعنا في الفقه غالبا، بل هي إنّما تثبت بعض الأحكام إجمالا و لا يحصل منها التفصيلات. و على هذا فينحصر الامتثال في العمل بالظنّ، و إلّا لزم التكليف بما لا يطاق. و يندرج في ذلك الظنّ الحاصل من الخبر الواحد، فإنّه لا فارق بين أفراد الظنّ من حيث هو، فإذا
[1] إذ الجهتان المذكورتان تجريان في كل من المقامات المذكورة.
[2] لأنّه يمكن القول بأنّه فرد من أفراد الظنّ المطلق.