المتردّدين عندهم السائلين عنهم، كانوا يأخذون الخبر و ينقلون إلى غيرهم للعمل، و لم يكن يحصل بخبر كلّ واحد منهم العلم للسّامع، و مع ذلك كان أئمّتهم (عليهم السلام) مطّلعين على طريقتهم و يقرّرونهم على ذلك، و احتمال أنّ كلّ ذلك كان من القرائن المفيدة للعلم؛ ممّا يأباه العقل السليم و الفهم المستقيم.
فحصل من جميع ما ذكرنا، أنّ إطباقهم على هذه الطريقة من غير نكير منهم، إجماع منهم على الجواز، فيدلّ عليه الإجماع و تقرير المعصوم (عليه السلام) بل أمره [1]، و صرّح بالإجماع الشيخ في «العدّة» [2] حيث قال: و أمّا ما اخترته من المذهب فهو أنّ خبر الواحد إذا كان من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة، و كان ذلك مرويّا عن النبيّ (صلى الله عليه و آله) أو أحد من الأئمّة (عليهم السلام) و كان ممّن لا يطعن في روايته و يكون سديدا في نقله و لم تكن هناك قرينة تدلّ على صحّة ما تضمّنه الخبر، لأنّه إذا كان هناك قرينة تدلّ على ذلك كان الاعتبار بالقرينة، و كان ذلك موجبا للعلم، و نحن نذكر القرائن فيما بعد، جاز العمل به [3].
و الذي يدلّ على ذلك [4] إجماع الفرقة المحقّة، فإنّي وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي أوردوها في تصانيفهم و دوّنوها في أصولهم، لا يتناكرون
[1] و في التوقيع عنه (عليه السلام): لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا، قد عرفوا بأنّا نفاوضهم سرنا و نحملهم إيّاه إليهم. و عنه (عليه السلام): العمري و ابنه ثقتان فما أديا إليك عني، فعنّي يؤديان و ما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما و أطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان ... كما عن «الكافي».