أمّا المتواتر، فعرّفه الأكثرون: بأنّه خبر جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه [1].
و ذكروا أنّ التقييد بنفسه، ليخرج خبر جماعة علم صدقهم لا بنفس الخبر، بل إمّا بالقرائن الزّائدة على ما لا ينفكّ الخبر عنه عادة من الأمور الخارجية، كما سيجيء في الخبر المحفوف بالقرائن، و إمّا بغير القرائن كالعلم بمخبره ضرورة أو نظرا.
و مرادهم بالقرائن التي لا ينفكّ عنها الخبر عادة، هو ما يتعلّق بحال المخبر، ككونه موسوما بالصدق و عدمه، و السّامع، ككونه خالي الذهن و عدمه، و المخبر عنه، ككونه قريب الوقوع و عدمه، و نفس الخبر، كالهيئات المقارنة له الدالّة على الوقوع و عدمه، فقد يختلف الحال باختلاف الأمور المذكورة.
أقول: و يشكل ما ذكروه بأنّهم اشترطوا في التواتر تعدّد المخبرين و كثرتهم إلى حدّ يؤمن تواطؤهم على الكذب عادة. و لا ريب أنّ مقتضى ذلك أن يكون للكثرة مدخلية في حصول العلم بحيث لو لم تكن لم يحصل العلم.
و قولهم: إنّ التقييد بنفسه احتراز عمّا لو حصل العلم من القرائن الخارجية عن لوازم الخبر من الأمور المتقدّمة، يقتضي أنّه إذا حصل العلم بسبب خبر جماعة
[1] و كذا في «الزبدة» ص 90، و في «المعالم» ص 339 مثله تقريبا.