نقطع أنّ كلّ خبر فإمّا مطابق للمخبر عنه، أو لا، فإن اكتفى في الصدق بالمطابقة كيف كان و الكذب بعدم المطابقة كيف كان، وجب القطع بأنّه لا واسطة، و إن اعتبر العلم بالمطابقة أيضا في الصدق و العلم بالعدم في الكذب، يثبت الواسطة بالضّرورة، و هو الخبر الذي لا يعلم فيه المطابقة [1]، كذا قيل. و فيه نظر يعلم وجهه بأدنى ملاحظة، انتهى.
أقول: وجه النظر، أنّ النزاع في إثبات الواسطة بعينه هو النزاع في معنى الصدق و الكذب و ليس شيئا على حدة حتّى يتفرّع عليه و يصير النزاع لفظيا [2]، فلذلك عدل العضدي عمّا هو ظاهر عبارة ابن الحاجب، و فسّر اللّفظي [3] بما هو خلاف المشهور، و قال: إنّه ليس فيها كثير نفع، إذ النزاع اللّفظي المصطلح لا نفع فيه أصلا، لا إنّه قليل النفع، فأخذ بمجامع المسألة و توابعها و لوازمها، و نظر إلى مآل المنازعات، و جعله نفس الخلاف في معنى الصّدق و الكذب، و قال: إنّه خلاف لغويّ قليل الفائدة.
فقوله: لا يجدي الإطناب فيها كثير نفع، صفة تقييديّة لا توضيحيّة. و لو كان الفروع التي ذكرها شيخنا البهائي (رحمه اللّه) كما ذكره، لكان فيه نفع كثير [4]، فتأمّل في أطراف هذا الكلام و معانيه و تعمّق النظر في غمار مقاصده و مبانيه و لا تنظر إلى تفرّدي به كأكثر مقاصد الكتاب، و لا تلحظ إليه بعين الحقارة و إليّ بعين العتاب، ثمّ بعد ذلك فإمّا قبولا و إمّا إصلاحا و إمّا عفوا، و اللّه الموفّق للصواب.