مذهب الحنفيّة، و هو خلاف التحقيق، كما مرّ. فيلزم حينئذ أن لا يثبت في ذمّة من قال: ليس له عليّ شيء إلّا خمسة شيء، لأنّ الخمسة مخرجة عن شيء قبل إسناد النفي الى شيء، فهي في حكم المسكوت عنه، بل يلزم أن لا يكون الاستثناء من الإثبات أيضا نفيا.
و أيضا فلو أشير الى عشرة مجتمعة شخصيّة، و قيل: خذ هذه العشرة إلّا ثلاثة منه، فلا يتصوّر هناك إخراج إلّا من الحكم، فإنّ المفروض أنّه لا يخرج أشخاص الثلاثة من جملة العشرة، بل المراد إخراجها عنها بحسب الحكم، فلا بدّ من القول بإخراجها عن الحكم المتعلّق بالمجموع، و المفروض أنّه لا حكم إلّا الإسناد الموجود في الكلام.
فإن قلت: هذا كرّ على ما فررت منه [1] من لزوم التّناقض، و كيف المناص عن ذلك على ما اخترت؟
قلت: و إنّي أظنّك غافلا عن حقيقة التخصيص، و ملتبسا عليك أمره بالبداء، فإنّك إن أردت من الإخراج في قولهم: الاستثناء هو إخراج ما لولاه لدخل، هو الإخراج الحقيقي عن الحكم الصادر عن المتكلّم بعنوان الجزم، فهو لا يتحقّق إلّا في صورة البداء و الاستدراك، كما لو سها المتكلّم و غفل عن حال المخرج ثمّ تذكّره بعد إيقاع الحكم على المخرج منه، أو جهل بكونه داخلا و حكم بالمجموع ثمّ علم فأخرج. و أنت خبير بأنّ أمثال ذلك لا يتصوّر في كلمات اللّه و أمنائه في
[1] أي عدم تصوّر الاخراج قبل الاسناد في المثال المذكور رجوع الى التناقض الذي فررت منه، فكيف المناص على مقالتك من اختيار أوسط الأقوال. أو يقال: انّ هذه الايرادات الواردة على قول العلّامة واردة عليك أيضا فكيف المناص.