و مثال الثاني: أنّ الشيعة مختلفة في وجوب الغسل بوطء الدّبر، فمن قال:
بوجوبه في المرأة، قال به في الغلام، و من لم يقل به، لم يقل به في شيء منهما، فالقول بوجوبه في بعض أفراد الدّبر و هو دبر المرأة دون الرّجل، خرق للإجماع المركّب.
و كذلك مسألة الفسخ بالعيوب، فإنّ الأمّة مختلفة فيه، فقيل: يفسخ بها كلّها [1]، و قيل: لا يفسخ بها كلّها. فالقول بالفسخ في بعض العيوب دون بعض خرق للإجماع المركّب، و قد يسمّى هذا قولا بالفصل.
و يقال: لا يجوز القول بالفصل، و يتمسّكون بعدم القول بالفصل في تعميم الحكم في كلّ واحد من القولين بالنسبة إلى أفراد الموضوع. و قد يقولون: إذا لم يفصل الأمّة بين مسألتين في حكم، فلا يجوز القول بالفصل بينهما، و ذلك إذا لم يكن هناك كلّيّ جامع لموضوع المسألتين مثل الدّبر و العيب.
و من أمثلته أنّ بعضهم قال: بأنّ المسلم لا يقتل بالذمّي، و لا يصحّ بيع الغائب، و بعضهم يقتل المسلم بالذمّي و يصحّ بيع الغائب، فالقول بالقتل و عدم الصحّة قول بالفصل بين المسألتين، فقد يجتمع خرق الإجماع المركّب مع القول بالفصل، فقد يتفارقان من الجانبين، فمادّة الاجتماع هو مسألة وطء الدّبر و الفسخ بالعيوب و أمثالهما، و مادّة الافتراق من جانب خرق الإجماع المركّب هو مسألة الجهر في ظهر الجمعة، و ردّ الجارية الموطوءة و أمثالهما.
[1] أي يفسخ النكاح بكل واحد من العيوب التي تكون في كل واحد من الزوج و الزوجة خمسة، و مجموعها سبعة، ثلاثة مشتركات بينهما و هي الجذام و البرص و الجنون، و اثنان من الأربعة الباقية مختصات بالزوج و هي الجب و العنّة و اثنان منها مختصات بالزوجة و هي الرتق و القرن، و لم يذكر بعضهم الجذام و البرص هاهنا. فعلى هذا يصير المشترك بينهما واحدا و مجموعها سبعة.