و إن أراد في الحجّية، فهو قريب لمثل ما قلناه، يعني قوله: لأنّ عدالتهم تمنع من الاقتحام على الإفتاء بغير علم، إلى آخر ما ذكره [2]، و لقوّة الظنّ [3] في جانب الشّهرة سواء كان اشتهارا في الرّواية بأن يكثر تدوينها، أو الفتوى.
أقول: و قوله: لقوّة الظنّ، يحتمل أن يكون المراد به بيان كون الظنّ الحاصل من جانب المشهور أقوى من الظنّ الحاصل من مخالفهم. و لمّا كان المفروض في المسألة السّابقة عدم العلم بالمخالف، فلم يتعرّض لذلك [4]. و ما ذكره (رحمه اللّه) قويّ، و يؤيّده قوله (عليه السلام): «خذ بما اشتهر بين أصحابك و اترك الشاذّ النّادر، فإنّ المجمع عليه [5] لا ريب فيه» [6]. فإنّ ملاحظة الحكم و التعليل في الرّواية يقتضي إرادة الشهرة من المجمع عليه أو الأعمّ منه، و العلّة المنصوصة حجّة، و التخصيص بالرّواية خروج عن القول بحجّية العلّة المنصوصة كما لا يخفى، و على القول بكون الأصل العمل بالظنّ بعد انسداد باب العلم إلّا ما أخرجه الدّليل، يتقوّى حجّية الشّهرة، و إذا كان معها دليل ضعيف، فأولى بالقبول سيّما إذا كان الدّليل الذي في طرف المخالف أقوى، بل كلّما كان الأدلّة و الأخبار في جانب المخالف أكثر
[4] أى للدليل الثاني أو لاعتبار المخالف هنا لأنّه معلوم بقرينة المقابلة أو لوجود الظنّ في الطرف المخالف أيضا لأنّ الكلام هنا بقرينة المسألة السّابقة هنا فيما لو كان هناك طرف مخالف و هو قد يفيد الظنّ و قد لا، فلا حاجة الى ذكره كما في الحاشية.