الثالث: قد عرفت أنّ الإجماع هو اتّفاق الكلّ أو اتّفاق جماعة يكشف عن رأي الإمام،
فأمّا لو أفتى جماعة من الأصحاب و لم يعلم لهم مخالف و لم يحصل القطع بقول الإمام (عليه السلام)، فهو ليس بإجماع جزما.
قال الشهيد في «الذّكرى» [1]: و هل هو حجّة مع عدم متمسّك ظاهر من حجّة عقلية أو نقلية. الظاهر ذلك [2]، لأنّ عدالتهم تمنع عن الاقتحام على الإفتاء بغير علم. و لا يلزم من عدم الظّفر بالدّليل عدم الدّليل، خصوصا و قد تطرّق الدّروس [3] إلى كثير من الأحاديث، لمعارضة الدّول المتخالفة و مباينة الفرق المنافية و عدم تطرّق الباقين إلى الردّ له [4]، مع أنّ الظاهر وقوفهم عليه، و أنّهم لا يقرّون ما يعلمون خلافه.
فإن قلت: لعلّ سكوتهم لعدم الظّفر بمستند من الجانبين [5].
قلت: فيبقى قول اولئك [6] سليما من المعارض. و لا فرق بين كثرة القائل بذلك أو قلّته، مع عدم معارض، و قد كان الأصحاب يتمسّكون بما يجدونه في «شرائع» الشيخ أبي الحسن بن بابويه (رحمه اللّه) عند إعواز النّصوص لحسن ظنّهم به، و إنّ فتواه كروايته [7].