الإجماع إلّا في زمن الصّحابة، حيث كان المؤمنون قليلين يمكن معرفتهم بأسرهم على التفصيل.
أقول: لا ريب في إمكان حصول العلم في هذا الزّمان أيضا كما أشرنا على الطريقة التي اخترناها [1]، فإنّه يمكن حصول العلم من تتبّع كلمات العلماء و مؤلّفاتهم بإجماع جميع الشيعة من زمان حضور الإمام (عليه السلام) إلى زماننا، هذا بسبب اجتماعهم و عدم ظهور مخالف، مع قضاء العادة بأنّ المتصدّين لنقل الأقوال، حتّى الأقوال الشاذّة و النادرة حتّى من الواقفية و سائر المخالفين، لو كان قول في المسألة من علمائنا لنقلوه، و إذا مضاف إلى ذلك [2] دعوى جماعة منهم الإجماع أيضا، و كذا سائر القرائن ممّا أشرنا سابقا، فيمكن حصول العلم بكونه إجماعيّا، بمعنى كون اجتماعهم كاشفا عن موافقتهم لرئيسهم.
و ما قيل: إنّهم لعلّهم اعتمدوا على دليل عقليّ، لو وصلنا لظهر عدم دلالته على المطلوب، و لم يعتمدوا على ما صدر من المعصوم (عليه السلام) من قول أو فعل أو تقرير.
ففيه: ما لا يخفى، إذ هذا الكلام لا يجري في الأمور التي لا مجال للعقل فيها، و جلّ الفقه، بل كلّها من هذا الباب، و ما يمكن استفادته من العقل فإن كان من جهة إدراك حسن ذاتيّ أو قبح ذاتيّ، فلا إشكال في كونه متّبعا سواء انعقد عليه الإجماع أو لا، و إن كان من باب استنباط أو تخريج أو تفريع [3]، فالعقل يحكم
[3] يمكن أن يكون مراده بالاستنباط القياس الذي يكون ثبوت الحكم في الأصل لأجل تلك العلّة بغير النص، و كذا وجوده في الفرع. و المراد بالتفريع عكس ذلك، و سيشير-