فالظاهر أنّ مراده من الأصل العموم أو مطلق القاعدة [1]، و إن كان مراده غير ذلك فهو سهو، إلّا أن يراد به أصالة جواز إعطاء ماله بغيره و أخذ مال غيره مثلا لأنّ الناس مسلّطون على أموالهم [2]، و لكنّ ذلك لا يفيد الصحة الشرعية بمعنى اللّزوم و ترتّب الآثار.
و ما يقال: إنّ الأصل في معاملات المسلمين الصحة [3] فهو معنى آخر.
و المراد به إنّ ما تحقّق صحيحه عن فاسده في نفس الأمر و لم يعلم أنّ ما حصل في الخارج هل هو من الصحيح أو الفاسد، فيحمل على الصحيح إذا صدر من مسلم، لا بمعنى أنّ صحة أصل المعاملة تثبت بمجرّد فعل المسلم. فالمذبوح المحتمل كونه على الوجه المحرّم و المحلّل، يحمل على المحلّل إذا صدر عن مسلم، لا أنّ الأصل في الذّبح أن يكون صحيحا، بل الأصل عدم التذكية و الحرمة حتّى تثبت التذكية الصحيحة، و صدوره عن المسلم قائم مقام ثبوت التذكية الصحيحة في نفس الأمر، و هذا الأصل إجماعي مدلول عليه بالأدلّة المتينة القويمة، مصرّح به في الأخبار الكثيرة.
الثالثة: محلّ النزاع في هذا الأصل، ما تعلّق النهي بشيء بعد ما ورد عن الشارع له جهة صحة
ثمّ ورد النّهي عن بعض أفراده أو خوطب به عامّة المكلّفين ثمّ استثنى عنه
[1] أي القاعدة المستنبطة من العقل أو النقل كما قالوا إنّ قاعدة ولاية الحاكم على الصغير تقتضي جواز نكاحه و طلاقه للحاكم.