دلالة الألفاظ، و إن كانت راجعة الى الاصول الكلامية أيضا على بعض الوجوه [1].
فلنرجع الى تحرير الدّليل و نقول: معنى قول الشارع: لا تصلّ في الحمّام، و:
لا تتطوّع وقت طلوع الشمس، انّ ترك هذه الصلاة أرجح من فعلها، كما هو معنى المكروه، مع أنّها واجبة أو مستحبّة. و معنى الوجوب و الاستحباب هو رجحان الفعل إمّا مع المنع من الترك، أو عدمه، و رجحان الترك و رجحان الفعل متضادّان لا يجوز اجتماعهما في محلّ واحد.
راجعة الى شيء خارج من العبادة بخلاف التحريمية بحكم الاستقراء. فالنّهي عن الصلاة في الحمّام إنّما هو عن التعرّض للرشاش، و في معاطن [3] الإبل عن إنفار البعير، و في البطائح [4] عن تعرّض السّيل، و نحو ذلك، فلم يجتمع الكراهة و الوجوب.
و فيه أوّلا: منع هذا الاستقراء و حجّيته.
و ثانيا: أنّ معنى كراهة تعرّض الرّشاش، أنّ الكون في معرض الرّشاش مكروه، و هذا الكون هو بعينه الكون الحاصل في الصّلاة، فلا مناص عن اجتماع الكونين
[1] و بعض الوجوه كالنزاع في دلالة العقل على امتناع الاجتماع في تلك المسألة و عدمه.
[2] قد أتى صاحب «المدارك» الى هذه المسألة في مبحث كراهة الوضوء بالماء المشمّس على سبيل الاجمال فيه 1/ 117. و قوله: عن ذلك أي عن العبادات المكروهة.
[3] مفردها المعطن و المعطن و هي مبرك الإبل و مربض الغنم حول الماء.
[4] مفردها البطيحة و هو مسيل واسع فيه رمل و دقاق الحصى.