الخامس: ما كان بصورة القضاء المصطلح عليه في فعله بعد خروج الوقت المحدود، كقولهم: الجمعة يقضى ظهرا [1].
إذا تمهّد هذه المقدمات فنقول:
اختلف الأصوليّون في أنّ إتيان المأمور به على وجهه؛ هل يقتضي الإجزاء، بمعنى سقوط القضاء بعد اتّفاقهم على اقتضائه الامتثال؟
على قولين، المشهور نعم [2]، و خالف فيه أبو هاشم [3] و عبد الجبار [4].
[1] قالوا: إنّ من فات عليه الجمعة مع وجوبها عليه لا يقضي الجمعة، بل يصلّي الظهر أداء لو كان الوقت باقيا و قضاء في خارج الوقت، و مع هذا يصح أن يقال الجمعة تقضى ظهرا.
[2] و إليه ذهب العلّامة في «المبادي» و المحقّق صاحب «المعارج» فيه، بل في «العدّة»: ذهب الفقهاء بأجمعهم و كثير من المتكلّمين إلى كونه مجزيا إذا فعل على الوجه الّذي تناوله الأمر. و ذهب إليه الرازي في «المحصول» و نقله إلى: أكثر العامّة و عزاه الآمدي إلى أصحابه الأشاعرة و أكثر المعتزلة كما ذكر المحقّق الاصفهاني في «الهداية»: 2/ 701 و الغزالي فصّل كما في «المستصفى»: 2/ 10.
[3] عبد السّلام بن محمّد ابو هاشم الجبائي البصري (247- 321 ه) من أعيان المتكلّمين المعتزلة و من أصولييهم. تبعته فرقة معتزليّة تسمى البهشمية له مصنّفات منها: «العدة في اصول الفقه» و «كتاب الاجتهاد» و «تذكرة العالم- فى أصول الفقه» و أبو هاشم هو صاحب المسألة التي تذكر في بعض الكتب و التي قال عنها إمام الحرمين إنّها حارت فيها عقول الفقهاء و هي: أنّ من توسط جمعا من الجرحى و جثم على صدر واحد منهم و علم أنّه لو بقي على ما هو عليه لهلك من تحته و لو انتقل عنه لم يجد موقع قدم إلّا بدن آخر و في انتقاله اهلاك المنتقل إليه فكيف حكم اللّه و ما الوجه؟
[4] القاضى عبد الجبار المعتزلي (...- 415 ه) من أئمة الاصوليين و شيخ المعتزلة قد-