تشخيص المدعي و المنكر انّما يكون بيد العرف؛ لأنهما من الموضوعات الخارجية التي لا بدّ في تشخيصها من الرجوع الى العرف، كتشخيص عناوين الدم و الكلب و الخنزير و غيرها من العناوين الموضوعة للاحكام، فتحديدهما بان المدّعى هو الذي لو ترك تركت الخصومة، بخلاف المنكر، أو بان المدّعى هو الذي كان قوله مخالفاً لحجة شرعية من أصل أو ظاهر، بخلاف المنكر، فإنه الذي تؤيّده حجة شرعية، ان كان المراد هو التحديد العرفي و بيان معناهما عند العقلاء، فلا بأس به، و لكن لو فرض حينئذ حكم العرف في مورد بانطباق عنوان المدعي على فلان مثلًا فاللازم ترتيب الأثر عليه، و لو لم ينطبق عليه شيء من الحدّين، و إن كان المراد به هو بيان معناهما عند الشارع، فيرد عليه انه لم يرد في آية و لا رواية التحديد بشيء منهما، بل ليس لبيانه ارتباط بالشارع؛ لأنهما كما عرفت من الموضوعات التي لا بد من الرجوع في تشخيصها الى العرف، فاللازم الإحالة اليه و لو لم يساعد على شيء من الحدّين.
إذا عرفت ذلك فاعلم انّه في الصورة الأولى التي يدعي فيها ذو اليد انتقال المال من المدعى عليه اليه من دون واسطة، ينقلب الإنكار من ذي اليد الى الادّعاء، و يصير المدعى منكراً مدّعياً، لو كان الملاك في تشخيص ذلك هو مصب الدعوى لا النتيجة كما هو الظاهر، فإنه بحسب النتيجة و إن لم يتحقق انقلاب أصلًا ضرورة انه بملاحظة ذلك يكون ذو اليد منكراً و الطرف مدّعياً، و أمّا بحسب مصب الدّعوى و مورد النزاع فالأمر ينقلب، لان ذا اليد يدعي الانتقال و المدعى عليه ينكره، فيحلف لو لم يكن لذي اليد بيّنة و هذا ممّا لا ريب فيه ظاهراً.